كتبت هديل فرفور في “الأخبار”: لم يمر بند إلغاء تمويل صندوق التقاعد للمهندسين في موازنة 2020، وفق تأكيدات رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان لـ”الأخبار”، ما “نفّس” غضب اتحاد المهندسين اللبنانيين (نقابتا المهندسين في بيروت والشمال) الذي استنفر في الأيام الماضية خشية المس بحقوق 150 ألف مهندس.
وقد برزت اعتراضات المهندسين بعد إقرار الموازنة، الإثنين الماضي، احتجاجاً على المادة 18 التي نصّت على إلغاء البند التاسع من المادة الثالثة من القانون رقم 64/11 المُتعلّقة بـ”تغذية” صندوق التقاعد للمهندسين بنسبة 20% من ضريبة الدخل السنوية التي يدفعها المهندس لوزارة المالية، ما يحرم الصندوق من مورد مالي مهم، علماً بأن المهندسين وعائلاتهم يشكّلون “أكثر من 10% من سُكّان لبنان ولا تتكفّل الدولة بأي من نفقات تغطيتهم الصحية أو تقاعدهم، وفي وقت انحسرت فيه أعمالهم في ظل أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد»، بحسب بيان لاتحاد المهندسين اللبنانيين، أول من أمس، واصفاً القرار بـ”الجائر”.
المُفارقة أنّ كنعان أكّد لـ”الأخبار”، أمس، أنّ المادة 18 سُحبت من الموازنة في جلسة المناقشة التي عقدتها اللجنة في أيلول الماضي، “ووصل مشروع الموازنة إلى الهيئة العامة من دون هذه المادة أصلاً”، لافتاً إلى أن من أثار القضية “لم يطّلع على الموازنة”!
إلا أن سقوط إلغاء المادة لا يلغي إشكالية أساسية، وهي أن هذا البند لم يطبّق منذ إنشاء الصندوق عام 1964! وهو ينصّ على تغذية الصندوق التقاعدي للمهندسين من عشرة موارد: 30% من أموال الاحتياط الموجودة في صندوق النقابة، و30% من رسوم القيد، و20% من الاشتراكات السنوية التي تستوفى من المهندسين، والتبرعات المقدمة للصندوق (هبات أو وصايا أو اكتتابات)، ومساهمة الحكومة السنوية في الصندوق، وما تُقرر الجمعية العامة تخصيصه لهذا الصندوق في الموازنة السنوية، ورسم تقاعد سنوي تقرره الجمعية العامة، وفوائد وإيرادات استثمار أموال الصندوق، و5% تُضاف على رسم الترخيص بالبناء تستوفيها النقابة قبل إعطاء الرخصة من البلدية، و20% من ضريبة الدخل السنوية التي يدفعها فعلاً المهندس المُشترك في الصندوق، وأخيراً 70% من رسم طابع أجيز مجلس النقابة بإصداره يلصق على المعاملات.
وبحسب المعطيات، فإنّ الحكومة لم تدفع، منذ صدور القانون قبل 55 عاماً، مساهمتها السنوية. كما أن البند المرتبط بتمويل الصندوق بنسبة 20% من ضريبة الدخل السنوية، موضوع الخلاف الحاصل، “لم يُطبّق بدوره ولم نرَ قرشاً واحداً من هذه الأموال منذ سنة 1964″، وفق تصريح سابق لنقيب المهندسين في بيروت جاد تابت، علماً بأن النقابتين وقعتا مذكرة تفاهم مع وزارة المالية، في 25 نيسان 2013، تعهدت فيها الأخيرة بتحويل المبالغ الواجبة إلى النقابتين بتاريخ 31 كانون الأول من العام الذي يلي سنة الأعمال، على أن يوزع المبلغ الواجب بنسبة 82% لصندوق التقاعد في بيروت و18% لصندوق التقاعد في طرابلس. وأصدر وزير المال السابق محمد الصفدي، في 14 كانون الثاني 2014، أمراً بإعطاء النقابتين دفعة على حساب 2011 تبلغ ملياراً و340 مليون ليرة، “لم يُصرف منها شيء أيضاً”.
لماذا، إذاً، “يُكافح” المهندسون لعدم إلغاء بند لم يطبّق أصلاً؟ أوساط نقابة المهندسين في بيروت تجيب بأن إلغاء البند التاسع من المادة 3 “يعني تكريس خسارة المهندسين لمورد داعم للصندوق وحرمان مقونن من حقهم في استكمال مسار المُطالبة بتطبيق قانون التقاعد”، مُشيرةً إلى أن الاتحاد سيواصل السعي لتطبيق القانون، علماً بأنّ وزير المال السابق علي حسن خليل سبق أن أبلغ النقابتين أن اقتطاع مبلغ من الضرائب لصالح أي جهة أمر مخالف للقانون، فيما طرحت النقابتان بديلاً من مبدأ اقتطاع الضريبة يتمثّل في استيفاء رسوم إضافية على جميع مواد البناء والمتعلّقة بالأعمال الهندسية أسوة ببقية النقابات، إلا أن هذا الاقتراح لم “يمضِ” إلى خواتيمه.