المطران عبد الساتر ‘حديث الناس’.. كلامه النارّي أغضب الكثيرين؟

10 فبراير 2020
المطران عبد الساتر ‘حديث الناس’.. كلامه النارّي أغضب الكثيرين؟

عشية جلسة الثقة التي سيمنحها النواب لحكومة “مواجهة التحديات”، وعلى بعد مئات الأمتار من ساحة النجمة، ومن الكنيسة التي صدح فيها صوت المطران مبارك علا التصفيق، على غير عادة، عندما إنتهى رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس عبد الساتر من عظته، التي ألقاها في مناسبة عيد مار مارون، في حضور الرؤساء الثلاثة.

 

فالكلام “الكبير” الذي قاله عبد الساتر أراح الكثيرين ممن كانوا حاضرين في الكنيسة من غير السياسيين، وهم كانوا على وشك الصراخ: “ثورة ثورة”، ولكنه في الوقت نفسه أزعج كثيرين وأغضبهم، وهذا ما حدا برئيس الجمهورية إلى عدم المشاركة، كعادته، في تقبل التهاني بالعيد إلى جانب مطران بيروت.

 

فماذا قال عبد الساتر، ولماذا غضب الكثيرون. ما قاله المطران، وهو الذي يسمع في كرسي الإعتراف ما لا يسمعه الآخرون، أو بالأحرى لا يريدون أن يسمعوا حقيقة ما يجري في الشارع، وما يقال في العلن وفي السرّ.

 

كل ما قاله المطران هو تجسيد للواقع من دون مجاملات ومساحيق. قال كلمته بكل جرأة ومن دون مواربة. قال متوجهًا إلى النواب، الذين سيفعلون غدًا “السبعة ودمتها” من أجل الوصول إلى البرلمان لمنح الحكومة الثقة غير المعطاة لهم شعبيًا: “الا يستحق عشراتُ الألوف من اللبنانيين الذين وثِقوا بكم وانتخبوكم في ايار 2018 ان تُصلحوا الخلل في الأداء السياسي والاقتصادي والمالي والاجتماعي، وان تعملوا ليل نهار، مع الثوار الحقيقيين اصحابِ الإرادة الطيِّبة، على إيجاد ما يؤمِّن لكلِّ مواطنٍ عيشةً كريمةً؟ وإلا فالاستقالةُ أشرَفُ.

 

لم يسبق لأحد من رجال السياسة والدين أن قال كلامًا مماثلًا، وهو بذلك حجز مكانا له في الجرأة إلى جانب متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، وهما اللذان إنحازا إلى الشعب وما يعانيه في يومياته وأعطيا ما لقيصر لقيصر وما لله لله، فكان كلامهما “نعم، نعم أو لا، لا“.

 

المطران عبد الساتر يعرف أن كلامه هذا لن يحجز له مقعدًا زمنيًا متقدمًا، وقد تساق ضده حملات شتى، وهي بدأت من قبل الجيش الالكتروني ما أن أنهى كلامه، لكنه يعرف أيضًا أنه قال ما هو مقتنع به وما يرضي ضميره أمام الله والناس.

 

لم يكتفِ خليفة المطران مبارك بأن دعا النواب إلى الإستقالة، بل ذهب إلى حدّ تحديد معاني الزعيم الحقيقي، وقد إعتبر البعض أن المقصود بكلامه هو رئيس الجمهورية، فقال: “ليس زعيما وطنيا ولا مسؤولا صالحا من يشجع في خطابه على التعصب والتفرقة. وليس زعيما من يحسب الوطن ملكية له ولأولاده من بعده ، ويحتكر السلطة ويستبد ويظلم من وثقوا به. الزعيم الأصيل هو الذي يختار أن يثبت في أرضه في زمن الضيق مع أهله حتى الاستشهاد، ويعمل لأجل شعبه حتى نسيان الذات، ويتنكر لمشاريعه ولمصالحه السياسية والشخصية حتى نكران الذات. الزعيم الحقيقي يقول الحق دوما من دون مواربة وبلا خوف، ولا يساوم عليه. إنه يعمل لخير المواطن، كل مواطن، ومن دون تردد. الزعيم الوطني هو الذي يقاوم التوطين والتجنيس من أجل الحفاظ على وجه لبنان الرسالة وعلى حق كل لاجىء ونازح بالعودة إلى أهله وبلده. الزعيم الصالح هو الذي يختار الرحيل أو التخلي عن الزعامة كل يوم مرات ومرات على أن يخذل شعبه أو أن يسيء إليه ولو مرة واحدة“.

 

وفي ختام عظته النارية إستعان المطران عبد الساتر بكلام للإخوين رحباني من مسرحية ناطورة المفاتيح “ما حدا بيقدر يحبس المي، والناس متل المي إلا ما تلاقي منفذ وتنفجر منو”، محذرًا من إنفجار الشارع، عشية يوم المواجهة الكبيرة المتوقعة غدًا بين الناس والسلطة.