تتعدد المواقف الدولية المهتمة بالملف اللبناني والأزمة المالية والاقتصادية التي تعصف به. ففي الوقت الذي يستمر فيه وفد من صندوق النقد الدولي في زيارة لبنان ولقاء المسؤولين، تتوالى المواقف الدولية الخارجية، التي تبدي الاستعداد لتقديم المساعدة، بشرط أن يلتزم اللبنانيون بمساعدة أنفسهم من خلال إقرار خطة إصلاحية شاملة وشفافة وسريعة.
الصندوق الدولي: انطباع سلبي
لم يكن الإنطباع لدى وفد صندوق النقد الدولي إيجابياً، بعد لقاءاته بالمسؤولين. وحسب ما تشير مصادر متابعة، فإن الوفد لم يلتمس أي مواقف جدية أو واضحة قد أعدتها الحكومة اللبنانية، لمواجهة الأزمة ووقف مسلسل الإنهيار. وعلى حدّ وصف أحد أعضاء الوفد، فإن الحكومة تنتظر أن يأتيها الترياق من الخارج، أو تنتظر الوصفة التي ستقدمها لها الجهات الخارجية. بينما الأساس يجب أن يتركز على خطة واضحة تقدمها الحكومة، ومنها يبدأ التفاوض مع الجهات الدولية لمعرفة ما يمكن تحقيقه وما يمكن تأجيله.
وحسب ما تكشف مصادر متابعة، فإن وفد صندوق النقد الدولي سيغادر لبنان، وقد تكونت لديه نظرة سلبية حيال الوضع، مع الإشارة إلى أن حالة السوء في البلد كانت أكثر مما كان متوقعاً. وهناك ما ينذر بزيادة مخاطر الانهيار والسقوط، مقابل انخفاض منسوب التفاؤل في إمكانية تجنّب الانهيار. خصوصاً أن الخلافات لا تزال مستمرة بين القوى السياسية، التي تتقاذف المسؤوليات فيما بينها، بدلاً من التعاضد الجدي للبحث عن حلول.
وقد استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري يوم الأحد وفد صندوق النقد الدولي، برئاسة السيد مارتن سريزولا، بحضور وزير المالية غازي وزني. وجرى عرض طويل ومفصل للوضع اللبناني المالي والاقتصادي بتفاصيله. وقد أكد بري للوفد خلال الاجتماع الذي وصفه بالجيد، حرص لبنان على الالتزام بالإصلاحات الجذرية المطلوبة، وعلى كافة الأصعدة، لضمان نجاح العملية الانقاذية وعودة الثقة بلبنان.
تضارب المواقف الفرنسية والأميركية
ولا يزال التضارب في المواقف الدولية مستمراً حول الوضع في لبنان، ففي الوقت الذي تبحث فيه فرنسا عن مساعدة سريعة من دون أي حسابات سياسية، يبدو أن التشدد الأميركي مستمراً، كما أن سياسة فرض العقوبات مستمرة، وقد تتوسع، فلا تنحصر فقط بحزب الله وحلفائه، بل هناك من يتحدث في واشنطن عن فرض عقوبات على مسؤولين وشخصيات سياسية لاتهامها بالتورط بالفساد.
هذا التضارب يتناقض مع بعض المواقف الدولية التي صدرت وشددت على اختلافها على ضرورة تقديم المساعدة للبنان. إذ قال وزير المالية الفرنسي برونو لو مير إنّ “فرنسا مستعدة لدعم لبنان مالياً، في إطار ثنائي أو متعدد الأطراف”، محذّراً من “خلط التعافي الاقتصادي في لبنان مع الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لمواجهة إيران في المنطقة”.
وأشار لوكالة “رويترز” في نهاية اجتماع لمسؤولي المالية من مجموعة العشرين إلى أن: “فرنسا مستعدة دائماً لمساعدة لبنان. لقد كان الحال دائماً في الماضي وسيكون هذا هو الحال في المستقبل”. وأضاف: “نعرف أنّ ثمّة روابط بين المسألتين، لكننا لا نريد خلط قضية التعافي الاقتصادي في لبنان، وهو اليوم في حالة طوارئ واضحة، ومسألة إيران”.
السعودية والخزانة الأميركية
من جهته، قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إنّ “المملكة على اتصال ببلدان أخرى لتنسيق أيّ دعم للبنان على أساس الإصلاحات الاقتصادية”. وأضاف للصحافيين في ختام اجتماع لمسؤولي المالية من مجموعة العشرين: “المملكة كانت وما زالت تدعم لبنان والشعب اللبناني”.
أما الموقف الأبرز فكان لوزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوشين، الذي أشار إلى أن بلاده تتطلّع لمساعدة صندوق النقد الدولي لبنان في أزمته الاقتصادية، مؤكدًا “أننا نرغب في رؤية الاستقرار الاقتصادي والسياسي في لبنان”.
وقال مونشين، إن صندوق النقد الدولي سيساعد، إذا كان السياسيون اللبنانيون مستعدين لإجراء الخيارات الاقتصادية الصعبة، التي أظن أنها ستكون جيدة للشعب اللبناني”. وأضاف: “لا يزال مبكرًا معرفة ما إذا كان السياسيون مستعدين لفعل ذلك أم لا”. ووجّه مونشين رسالة إلى الشعب اللبناني قال فيها: “نريد أن يكون لهم مستقبل اقتصادي مشرق”. وعند سؤاله عن وجود “حزب الله” في لبنان، أكد أن العقوبات الأميركية هدفها إيقاف “الأنشطة الإرهابية” التي تقوم بها إيران، مشددًا على أنها ستنجح.