“حين تقول لنا الحكومة الصينية أن السماء زرقاء، اليوم، فعلينا أن نتأكد اولاً.. لأن الحكومة تكذب، وقد تكون السماء سوداء حينها”.
هذا الكلام لعامل صيني في مطعم في فيينا، وهو دقيق ومتناغم تماماً مع السيرة الطويلة لذاك النظام الشمولي القابض على كل شيء في البلاد العظيمة تلك، وأنا أصدقه، وأصدق حقيقة أن الأنظمة المستبدة تحيا وتستمر بأثر من قدرتها على صناعة الأكاذيب وترويجها. بل تحويلها عبر اجهزة الدعاية اللحظية إلى “حقائق”!
والصين تكذب الآن حين تعلن “سيطرتها على انتشار فيروس كورونا”، وقدرتها العبقرية على “علاج من أصيبوا به”، وقد تمعن في الكذب فتقول قريباً: لم تكن بلادنا بؤرة الفيروس أصلاً، ولم يصلنا بعد!
كل شيء ممكن في عرف الاستبداد، حيث لا حسيب ولا رقيب، لا معارضة برلمانية أو غير برلمانية.
لا صحافة حرة ولا منظمات مدنية محلية مستقلة. ولا أحزاب.
لا شيء في الصين غير عجائز المكتب السياسي وما تمليه رؤاهم المعتمة على الشعب الكبير! فكيف نصدق الأخبار الوردية الآتية فجأة من التلفزيون الصيني.
ووكالة الانباء الصينية. وبيانات المكتب السياسي، وهي الأدوات الرسمية لدولة مستبدة تتناقض أخبارها/أكاذيبها، مع حالة الهلع الكونية الهادرة الآن في ظل الانتشار السريع لهذا الفيروس! في ظل تحول المدن الإيطالية إلى مطارح تسكنها الأشباح! في ظل الإعلان عن وضع الشمال الإيطالي كله، 15 مليون نسمة، في الحجر الصحي! وفي ظل القرار النمساوي بمنع السفر من ايطاليا وإليها! وإيطاليا تعني اوروبا.
تعني أن الخطر يدق الأبواب فعلاً!
من يصدق الصين والحال هذه، عليه ان يصدق “سوريا الأسد” وهي تعلن أن “لا وجود لكورونا في البلاد”! وعليه أن يصدق “مصر السيسي” كذلك: “لا إصابات في مصر”! عليه مراجعة طبيبه النفسي بدقيق العبارة، فجوهر الاستبداد واحد في نهاية المطاف، وإن اختلفت ألسنته وألوانه بين مطرح وآخر. هو واحد في الصين أو سوريا.
وفي جميع الأمكنة المصابة بهذا الوباء اللعين: كورونا الاستبداد.. كورونا الأكاذيب التي تجعل السماء السوداء، زرقاء، حين تشاء، والعكس أيضاً!
(*) مدونة نشرها الكاتب الفلسطيني نائل بلعاوي في صفحته الفايسبوكية.