منذ اللحظة الأولى لانتشار فيروس كورونا، سارعت الحكومة اللبنانية إلى إقفال أبواب الجامعات والمدارس كافة، كما العديد من الدول، كخطوة احترازية لمنع تفشي فيروس كورونا، ليدخل بعدها العام الدراسي دائرة الخطر.
ثلاثة تطبيقات
إزاء ذلك، قامت وزارة التربية والتعليم العالي بإطلاق ثلاثة مسارات للتعليم عن بعد كـ”خطة طوارئ تربويّة”. وتتفاوت فعالية هذه المسارات حسب إمكانية كل مؤسسة تربوية.
وبات من المعروف أن جامعة الوطن تعاني من ضعف في الإمكانيات التقنية، كما ضعف الميزانية المخصصة لها.
ومنذ إعلان خطة التعليم عن بعد، خلال المؤتمر الصحافي، الذي عقد بحضور وزير التربية طارق المجذوب ورئيس الجامعة اللبنانية فؤاد أيوب، تباينت آراء أساتذة الجامعة اللبنانية بين مؤيد للفكرة، ويعتبرها خطوة إيجابية لإنقاذ العام الدراسي، وأنها أفضل من لا شيء، وبين من اعتبرها خطوة غير ناجحة، لجهة عدم جهوزية الجامعة اللبنانية.
في حديث لـ”المدن” مع الدكتور جهاد مكي في كلية الإعلام، يقول أن الجامعة اللبناية أمام تجربة جديدة، ويجب أن نخوضها في ظل هذه الظروف. ومن المبكر الحديث عن نجاحها أو فشلها الآن. ويقول مكي أن الجامعة من الناحية التقنية أصبحت جاهزة للتعليم عن بعد. وهي تعتمد ثلاثة تطبيقات zoom ،Microsoft teams ،Google class room
“5Gb ما بتكفي”
ثغرات عديدة تشوب الخطوة الجديدة التي أطلقتها وزارة التربية، ولا سيما على صعيد الجامعة اللبنانية. ويمكن تلخيصها، حسب مكي، بنقاط عدة، منها أن أساتذة الجامعة اللبنانية هم من أجيال متفاوتة ويتعذر على بعضهم التعامل مع المنصات الرقمية، التي تحتاج إلى إطلاع ولو بسيط عليها.
أما الثغرة الثانية والأساسية التي تحدث عنها طلاب الجامعة اللبنانية فهي ضعف الإنترنت، وعدم توافره مجاناً، خصوصا أن هذه الخطوة في التعليم تتطلب سرعة في خدمة الإنترنت، وكلفتها عالية. وكان الطلاب قد قاموا بحملة على مواقع التواصل الإجتماعي تحت شعار “5Gb ما بتكفي”، تطالب وزارة الإتصالات بزيادة خدمة الإنترنت للطلاب، بما أن الخدمة الحالية لا تكفي سوى لأسبوع واحد من المحاضرات المتوافرة على المنصات المعتمدة. يقول دكتور مكي، في هذا الصدد، أن هذه الخطوة يجب أن تكون مدعومة من وزارة الإتصالات، ووضع المنصات الرقمية المعتمدة في التدريس على لائحة بيضاء. أي أن تكون كلفة الإنترنت مجانية.
فرص غير متساوية
لا ينكر رئيس رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية د يوسف ضاهر إيجابية هذه الخطوة لناحية إبقاء الطلاب في جو الدراسة. ولكن حسب ضاهر، هي لا تقدم للطلاب كافة فرص متساوية للتحصيل العلمي. ويشرح أن الجامعة اللبنانية هي جامعة وطنية تضم طلاباً من مختلف الطبقات والمناطق، وكلفة الإنترنت باهظة، لا يمكن لجميع الطلاب أن يتحملوها، عدا عن تقنين الكهرباء وعدم توافر الاشتراك في منازل جميع الطلاب، خصوصاً في المناطق النائية. لذا، يتوجب على الأساتذة بعد انتهاء الأزمة تعويض ولو 70 في المئة من المادة للطلاب الذين لم يقدروا متابعة الدروس عبر الإنترنت. ويضيف ضاهر، أن الجامعة اللبنانية تفتقر لحد الآن إلى قوانين واضحة تنظم عملية التعليم عن بعد، إضافة لغياب المحفزات.
يطرح الدكتور ضاهر في هذا السياق فكرة تمديد العام الدراسي الجامعي، خصوصاً أن بعض الكليات، مثل الهندسة والطب، فيها مواد مخبرية لا يمكن متابعتها عن بعد، ويتم شرحها في مختبرات الكلية فقط. وأيضاً، إذا ما نظرنا إلى كلية الحقوق والآداب والعلوم ببعض الفروع، فإمكانية التعليم عن بعد صعبة، نظراً لكثافة عدد الطلاب. فهذه البرامج كـ zoom مثلاً لا يمكنها أن تضم سوى 100 طالب على شبكتها، ما يترتب على المحاضر أن يعطي درسه مرات عدة متكررة.
من الثورة إلى الفيروس
يذكر لنا طالب الهندسة علي طليس تجربته في التعليم عن بعد، ويقول أنه من ناحية المعلومات فباستطاعته اكتسابها كأنه يحضر في القاعة. ويقول أنه وزملاءه، في البداية، كانوا متحمسين: “ولكن بعد يومين بدأنا نستشعر القلق، لأن بعض الزملاء لا يستطيعون المشاركة في هذه المحاضرات، نظراً لعدم توافر خدمة الإنترنت لديهم، وهم في مناطق نائية، فضلاً عن ضعف الإنترنت”. ويقول طليس أن أحداثاً كثيرة طرأت في هذا العام، أخّرت إنجاز البرنامج الدراسي، فأولاً أحداث وثورة 17 تشرين، والآن أزمة كورونا المستجدة. وفي السياق ذاته يحدثنا طالب من كلية الطب في الجامعة اللبنانية، ويقول أن ليست كل المواد تتوفر عن بعد. فهناك بعض الأساتذة أصلاً رفضوا فكرة التعليم عبر هذه المنصات، وهناك بعض المواد المخبريّة التي لا نستطيع تعلمها عبر هذه المنصات.