الحكومة تتحضر لجلسة نارية غداً… التعبئة العامة الى التخفيف اعتباراً من اليوم

27 أبريل 2020
الحكومة تتحضر لجلسة نارية غداً… التعبئة العامة الى التخفيف اعتباراً من اليوم

تحديات كبيرة تقف أمام حكومة حسان الدياب، فاضافة الى التحديات الاقتصادية في ظل الانهيار الكبير الذي تعانيه الليرة اللبنانية، والحرب المستجدة على حاكم مصرف لبنان، تقف البلاد اليوم أمام منعطف جديد مع بدء التخفيف من التعبئة العامة وما قد يترتب على هذا الأمر من اعادة انتشار لفيروس كورونا، بعدما بدأ لبنان فعلياً في السيطرة عليه.

جلسة مجلس الوزراء
اذاً، تتجه الأنظار غداً الى جلسة مجلس الوزراء التي من المقرر عقدها في السرايا الحكومية، وفيما بدا ان جدول اعمال مجلس الوزراء ليوم غد اصلاحي بامتياز اذ يركز على استعادة الاموال المنهوبة، وتلك المهربة الى الخارج ما بعد 17 تشرين الاول 2019، وقت صدور قرار بمنع التحويلات، وخصوصا في الشهرين الاولين من السنة الجارية حيث راوحت الارقام ما بين ثلاثة وخمسة مليارات دولار، تخوف كثيرون من نية الانتقام في استعادة لمطلع عهد الرئيس اميل لحود حيث فتحت الملفات بطريقة عشوائية انتقامية ادت لاحقا الى توقف العجلة الحكومية برمتها ودخول البلاد في تعطل وجمود.

وتأتي بنود جدول الاعمال استكمالاً لما طرح في جلسة الخميس الماضي، اذ اقتصر ما بقي من صياغات على تفاصيل لغوية، قبل اقرارها نهائياً.

لكن مصادر واسعة الاطلاع توقعت ان تكون الجلسة غداً متشنجة وحامية وقد تشهد انقساما حادا حول البنود التي ستناقش خلالها، وهي بنود اقل مايمكن وصفها بتدمير مقومات الدولة من خلال ابتداع آليات ملاحقات واقتصاص بقالب قانوني تتجاوز بمفاعيلها السلطة القضائية وتشكل سلطة قضائية جديدة وموازية، تستغلها وتستعملها السلطة الحاكمة وتوجهها ضد خصومها وحماية لمصالحها ومخططاتها الخاصة على حساب المصلحة العامة. وقالت المصادر لـ”اللواء” ان اقرار البنود المطروحة على النحو المطروح يشكل مخالفة فاضحة للقوانين ويؤشر بوضوح الى النوايا المبيتة التي يسعى إليها العهد والتيار العوني لتفصيل آليات قانونية شبيهة بآليات الدول الديكتاتورية ومفصلة على القياس لاطلاق يد التيار في الاقتصاص من الخصوم السياسيين والهيمنة على مقدرات الدولة ومواقعها الأساسية. واتهمت المصادر وزيرة العدل التي مررت من خلالها هذه البنود بانها واجهة لتسيير وتنفيذ خطط “التيار العوني” خلافا لكل الادعاءات المغايرة ومحاولات النفي، وذكرت بهذا الخصوص بمحاولات وزيرة العدل عرقلة وتعديل التشكيلات القضائية واختراع بدعة فصل المرسوم بعد تدخل فاضح ومكشوف من المستشار الرئاسي جريصاتي، وما يحصل حاليا لا ينفصل عن مسار ما حصل بموضوع عرقلة التشكيلات القضائية قبلها.

الحملة على حاكم مصرف لبنان مستمرة
وسط هذه الأجواء، تستمر الحملة على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، حيث اعربت مصادر سياسية عن اعتقادها أن موضوع حاكم مصرف لبنان يتم تطويقه لأنه اخذ منحى اخر وتم تسييسه ولم يعد تقنيا او إداريا.

وقال مصدر وزاري لـ”النهار” ان “معظم الذين يشككون في الخطوات الاصلاحية بيوتهم من زجاج، وقد حكموا طويلا، ولم يقوموا باي عمل اصلاحي، بل افلسوا الدولة ونهبوا خيراتها، وهم يطالبون بالاصلاح ويحولون دونه، بل يعطلونه خوفا من افتضاح امرهم”.

في المقابل، ركزت مصادر المعارضة للحكومة على ان المتورطين بالفساد الحقيقي من التهرب الجمركي، والمعابر غير الشرعية، والكهرباء، وملف النفط، اعضاء في الحكومة الحالية، واي محاسبة حقيقية يجب ان تبدأ بهم. والذي افلس البلد ليس الحاكم رياض سلامه بل اجراءاتهم ومواقفهم التي جعلت دول العالم تقاطع لبنان وتحجب عنه المساعدات وتفرض عليه العقوبات”.

واذا كانت المواقف المتشابكة والمتضاربة، تزامنت مع توزيع جدول اعمال مجلس الوزراء الذي اعتبره البعض بمثابة “اعلان حرب”، تخوف مصدر مصرفي عبر “النهار” من محاولة الحكومة تحميل المصارف بعد الحاكم مسؤولية التدهور المالي الناجم من افلاس الدولة، خصوصا ان حملة اطلقت قبل يومين تتهم اصحاب المصارف واعضاء في مجالس ادارتها، سياسيين وغير سياسيين، بتهريب المليارات في الاشهر الاخيرة. واعتبر ان “هذه المحاولة تستهدف في ظاهرها القطاع المصرفي، وفي باطنها النظام الاقتصادي والمالي للبنان الذي نعاه اخيرا رئيس مجلس الوزراء”.

بري: لا أدافع عن سلامة
من جهته، حذر الرئيس نبيه بري من محاولة اقالة الحاكم. وقال لـ”النهار”: في ظل عدم وجود مجلس مركزي في المصرف ولا لجنة رقابة على المصارف، اذا تمت الإقالة، فإن اللبنانيين سيستيقظون على سعر الدولار بـ 15 الف ليرة. وليعلم الجميع. انا نبيه بري لا أدافع عن سلامة، ولا عن أي شخص، أدافع عن لبنان. واذا لم يبقَ مصرف لبنان يا اخوان ليعلم الجميع ان اموال المودعين قد طارت الى الأبد”.
وعلى الخط ذاته، يعتبر مقربون من عين التينة لـ”اللواء”، أن خطأ الرئيس دياب تعامله مع القوى السياسية بطريقة لا تحفظ التوازنات السياسية في البلد او لا تقيم لها وزناً كافياً، فتم توريطه في مواجهات مع تيارات كبيرة في البلد، بينما هو خارج معادلة الصراع فعلياً بين العهد وتياره وبين قوى المعارضة. حتى ان الرئيس نبيه بري اراد ان يحمي دياب وان يوفر له فرص النجاح، لكن الاخير اخطأ بتبني مواجهة القوى السياسية بدل مد اليد لها للتعاون لإنقاذ البلد، فخرج عن كونه رئيس حكومة  تكنوقراط، ما اثار غضب بري فجاءت مواقفه الاخيرة المعروفة. وبدل ان ينسج دياب علاقة سليمة مع بري تساعده في تخطي الصعوبات والمعوقات، ذهب ايضا الى المواجهة غير المباشرة ضده.

ويأخذ هؤلاء على دياب تردده وتأخره في اتخاذ القرارات، وإغراق العمل في اجتماعات اللجان والمستشارين الكثر، حتى “ضاعت الطاسة”، ويرون انه كان واجباً على دياب ان يتحرك بطريقة ديناميكية اكثر ويبادر الى الاتصال بدول العالم الشقيقة والصديقة ويزورها للحصول على دعمها السياسي والاقتصادي، بدل صرف الوقت الذي ضاع في اجتماعات اللجان والمستشارين.

كلام باسيل
وبدا لافتاً أمس، كلام النائب جبران باسيل، وبحسب “الأخبار” فان باسيل بدا مفاجئاً في تراجعه. بعدما كان رأس حربة في مشروع إقالة سلامة، عاد خطوة إلى الوراء. سائلة: هل نبّهته السفيرة الأميركية إلى “خطورة” المس بالوديعة الأميركية الاولى في لبنان، فصرّح أمس بأن “الدولة” مسؤولة أيضاً لا سلامة وحده؟ أم أنه حصراً يوزّع المسؤوليات بناءً على نصيحة الشركة التي تقدّم له نصائح تحسين الصورة، فقرر أن يغلّف موقفه الحاد من سلامة بما يُرضي “حزب المصرف”؟
وبحسب المعارضين فإن كلام باسيل كشف أن الحكومة تأتمر “بأجندته الكيدية الانتقامية”، مطالبين إياه، امتثالاً لقاعدة الإصلاح واستعادة الأموال المنهوبة من الخزينة العامة، بإعادة “أكثر من 48 مليار دولار أهدرها من مالية الدولة في قطاع الكهرباء” فضلاً عن مطالبته، تماشياً مع تشديده على وجوب “إلزام جميع الأشخاص الذين تبوّؤا مراكز سياسية او اداريّة او قضائيّة او عسكريّة اعادة جميع الأموال المحوّلة بناءً لطلب منهم الى الخارج” بأن يبدأ من “استعادة ملايين الدولارات المهرّبة من لبنان في العام 1989، لا سيما تلك التي تم تقاضيها من صدام حسين أو تلك التي تم الاستحصال عليها من جيوب الناس إبان حربي التحرير والإلغاء ثم تم تهريبها لاحقاً إلى فرنسا”.
وفي هذا السياق، اعتبر عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب وائل أبو فاعور لـ”النهار” ان كلام باسيل “كشف الخلفية السياسية الثأرية للحكومة واعتمادها مبدأ تصفية الحسابات بدل المحاسبة الحقيقية واظهر استتباع الحكومة ورئيسها لهذا الفريق وتبنيها لمعظم أحقاده”.