الأسماء ومواجهة الأميركيين
وعليه أقرت الحكومة التعيينات التي كان قد اتفق عليها مع الإشارة إلى أن معظم المعينين هم من خارج الملاك الإداري، فتم تعيين أربعة نواب لحاكم مصرف لبنان، هم وسيم منصوري سليم شاهين بشير يقظان والكسندر موراديان، وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف، وهم مروان مخايل وجوزيف حداد وكامل وزني ومايا دباغ وعادل دريك وكريستال وليد حكيم مفوضاً للحكومة.
لماذا تراجع دياب؟ لا جواب. فجأة حضرت مسألة التعيينات المالية في مصرف لبنان وهيئة الأسواق المالية والرقابة على المصارف. كان دياب قد أعلن إرجاءها بهدف تخفيض عدد نواب حاكم المصرف المركزي. لم يتحقق شيئاً.
والأسماءعادت نفسها وطرحت، وسط إصرار على عدم الامتثال للرسائل والإشارات الأميركية، لا بل مواجهة المطالب الأميركية وخصوصاً التمسك بمحمد بعاصيري.
فالتعيينات وفق قواعد المحاصصة، أتت في ما يشبه إعلان مواجهة مع الولايات المتحدة الأميركية، خصوصاً بعد أن أبلغ حزب الله المعنيين في الحكم والحكومة أنه طالما الأميركيين يريدون محمد بعاصيري نائباً لحاكم مصرف لبنان، فلن يتم تعيين بعاصيري في أي موقع.
كانت الحكومة بين حدّين، الموافقة على التعيينات كما طرحت، وبالتالي تلقي المزيد من الضغوط المالية والعقابية والإقتصادية، أو عدم إقرارها. فهدد جبران باسيل بالانسحاب من الحكومة وتعليق مشاركة وزرائه فيها. حزب الله كان يرفض بشكل قاطع تعيين محمد بعاصيري طالما أنه مطلب أميركي. والموافقة على عقد الجلسة بهذا العنوان وضعت الحكومة على الضفة المواجهة للأميركيين، وعلى لبنان أن ينتظر المزيد من المصاعب والضغوط.
محافظة كسروان – جبيل
تطوق الحكومة نفسها من الداخل ومن الخارج.
تفتقد أي قدرة على البقاء، بسبب العزلة الدولية والعقوبات، وبسبب التضارب في المصالح الداخلية.
لتنفجر بوجهها مشكلة جديدة وهي مسألة تعيين محافظ لجبيل وكسروان، علماً أن المراسيم التطبيقية لإنشاء محافظة في كسروان وجبيل لم تصدر بعد.
وتعيين بولين ديب في منصب محافظ كسروان وجبيل فيه تخط لقانون الموظفين وقانون المحاسبة العمومية.
وقد حصلت سجالات حادة بين الوزراء ووزير الداخلية حول هذه الخطوة، فيما اشترط عدم ممارسة ديب لمهامها قبل صدور المراسيم التطبيقية.
وكانت رغبة دياب قد تجددت في تعيين مستشارته بترا خوري في المنصب.
علماً انها كانت قد أعلنت من بعبدا الإنسحاب من السابق وتمنت عدم التداول باسمها لتعيينها في منصب محافظ بيروت، بعد رفض المطران الياس عودة لتسميتها.
محافظ كسروان جبيل من نصيب الأرثوذكس، اعتبر دياب أنه بإمكانه تعيين بترا خوري في المنصب، لكن قيدها في المحافظة نفسها وهذا لا يمكن قانوناً.
اقترح مبادلة في المواقع ليعيد تعيينها محافظاً لبيروت مقابل تعيين محافظ آخر من الطائفة الأرثوذكسية لكسروان وجبيل.
ثارت ثائرة المطران عودة مجدداً، رافضاً الإهانة ورافضاً المسار الهابط الذي تسلكه الحكومة وطريقة التعاطي مع الأرثوذكس.
استنفر المطران عودة أركان الطائفة تحت شعار “لا يمكن التعاطي معها بهذه الخفة والإهانة”.
فتحرك التيار الوطني الحرّ ولملم القضية.
“جشع باسيل”
في الجلسة أيضاً حصل خلاف على الأسماء المقترحة للتعيينات المالية، وتحديداً بين دياب ووزراء حركة أمل، إذ بعد التوافق على اسم واجب قانصوه، تراجع دياب عن موافقته وطالب بتعيين إسم بديل، فرفض وزيرا الحركة.
فيما وزيرا تيار المردة اللذين تغيبا عن الجلسة، أرسلا رسالة سياسية مفادها أنه بحال أقرت التعيينات فإنهما سيعلقان مشاركتهما في الحكومة.
فيما كان فرنجية قد تواصل مع حزب الله، وأبلغه أنه لا يريد شيئاً من التعيينات المالية، ولكن همّه أن لا يسيطر باسيل على كل شيء في التعيينات، فيما كان أحدهم يقول: “من هو القادر على إيقاف جشع جبران”.
معتبراً أن باسيل يريد الحصول على كل شيء في التعيينات بالدولة، من الآن حتى نهاية العهد. و
ما أوقع خلافاً بينه وبين دياب.
فباسيل أراد محافظ بيروت، ومحافظ كسروان جبيل، وأغلبية التعيينات المالية والإدارية، ورئيس مجلس الخدمة المدنية.
فيما بقي حزب الله يعمل على محاولة لملمة حلقات العقد الحكومي كي لا ينفرط. لكنه في نهاية المطاف أجبر دياب على ما أراده باسيل.
جزء آخر من الخلافات هو نتيجة لعدم الاتفاق على الالتزام بآلية التعيينات في الفئة الأولى، التي أقرها مجلس النواب.
فرئيس الجمهورية يرفضها، والتيار الوطني الحرّ يريد الطعن بها، لأنه لن يكون بموجبها قادراً على التحكم بتعيين من يريده.
وقد فرض باسيل وعون ما يريدانه في كل التعيينات التي أقرتها الحكومة، بحيث سقطت كل الإجراءات التقنية الواجبة، لأن الأسماء تم التوافق عليها سياسياً، ولم يتبلغ الوزراء بالأسماء المقترحة قبل 48 ساعة، ولم توزع السير الذاتية المتعددة للاختيار من بينها الأفضل والأكفأ.
بعد هذه المقررات لا بد من مراقبة ردّة الفعل الدولية، وخصوصاً الأميركية. لا سيما أن التيار الوطني الحرّ يتصرف في الحكومة، وكأنها غير باقية. ولكنه يعتبر أن الدولة بمؤسساتها ستبقى. وكل همه انتهاز الفرصة للسيطرة على كل المواقع الأساسية والحساسة، ولا بأس بالتدهور والانهيار، ولا بأس حتى بأن ترحل الحكومة.