تقاطعت المعلومات الديبلوماسية، التي تسربت في بيروت، عن غياب امكانية حصول لبنان على مساعدات كالتي يطمح لها لا من عرب ولا من اوروبا ولا من الصين وروسيا. فالكويت، التي اكدت عبر وسائل اعلامها المكتوبة، واوضحها ما جاء في “القبس” عن عدم صحة ما يشاع عن قيام حكومة الكويت بإيداع مبلغ ملياري دولار وديعة في مصرف لبنان، إذ لفتت مصادر إلى أن “الجهات المعنية لم تتلق أي تعليمات بهذا الشأن حتى الآن ولم تناقش إمكانية القيام بإيداع كهذا“.
اما قطر، والتي تحدث اوساط لبنانية عن زيارة يعتزم وزير خارجيتها القيام بها لبيروت، فهي تدرس تقديم بعض المعونات الغذائية للأكثر فقرًا وربما بعض المساعدات العينية المادية للجيش اللبناني حتى يتمكن من الإستمرار بأداء مهامه.
والعراق، الذي يمتلك ربما الرغبة في مساعدة لبنان نفطيًا، يفتقد القدرة على القيام بذلك كونه لا يكرر نفطًا بل يستورد البنزين والمواد النفطية المكررة وبالتالي، فإن ارسال نفط خام للبنان لا يفي بالغرض المطلوب، اضافة الى ان خط انابيب كركوك-بانياس-طرابلس معطل وغير آمن.
تقول الأوساط الديبلوماسية إن الولايات المتحدة الأميركية، و البنتاغون تحديدًا، تريد دعم المؤسسة العسكرية التي انهكت بسبب التظاهرات واعمال الشغب المتنقلة من جهة، وبسبب ضعف الموارد المالية وقلة مدخول العسكر بسبب انخفاض قيمة العملة الوطنية ما استدعى مطالبة لبنانية بتأمين دعم لهذا الجيش، وقد تلقي الجنرال كينيث ماكينزي قائد المنطقة الوسطى هذه المطالب التي وعد على تأمين ما يستطيعه من الدول الصديقة.
ومصر التي زار سفيرها رئيس الجمهورية ميشال عون حاملًا رسالة جوابية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والتي تلعب دورًا محوريًا في الوساطات ولها تأثير مقبول على دول الخليج، تتمسك باستقرار لبنان ووحدته ولكن في الوقت عينه تدعو لبنان الى التزام الخطة الإصلاحية، والتي على اساسها قد يحصل لبنان على دعم صندوق النقد، وتاليًا تفتح ابواب باقي الصناديق الدولية والعربية. و تشدد مصر ايضًا على ضرورة ابتعاد لبنان عن الإصطفاف في محاور او الإنتماء لها، وتشدد على ضرورة عودة سياسة النأي بالنفس التي انطلقت مع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، والتي تشكل مفتاحًا رئيسًا للولوج الى الباب العربي.
يبقى أن روسيا لا تمتلك القدرات المالية كما همس اكثر من مرة السفير المخضرم الكسندر زاسبكين، والصين تدرس بجدية الإستثمار المربح في لبنان اذا توفر شرط تأمين اجماع وطني لبناني من جهة و اجراء اتفاقات من دولة الى دولة.
ومن المعروف ان وزير خارجية فرنسا، جان ايف لو دريان، سيزور بيروت أواسط الأسبوع المقبل ليؤكد ما قاله في باريس ان الإصلاحات هي الممر الإلزامي لإقرار دعم للبنان و أن صندوق النقد الدولي هو الطريق الأوحد للحصول عليه، ما يجعل العرب والأوروبيين و الولايات المتحدة على نفس الموجة و على خطى متناسقة.
الى حين اقرار خطة اقتصادية عليها اجماع وطني، والبدء بإصلاحات جدية لا تشبه التعيينات المالية او في مجلس ادارة الكهرباء، او في تجاوز الدستور في تعيينات الخبراء الجمركيين، يبدو المشهد المالي والإقتصادي في لبنان قاتمًا حتى تتبدل الذهنيات المتحكمة بالسلطة من جهة، وحتى ظهور نتائج الإنتخابات الأميركية في الرابع من تشرين الثاني ومعرفة الوجهة التي ستسلكها العلاقات الأميركية – الإيرانية، والتي يُعتبر لبنان احد حلقاتها. الى ذلك الحين نحن ما زلنا في النفق.