نعم، يقول “اتفاق الطائف” بـ”المثالثة” ولكنها “المثالثة ضمن المناصفة” على مستوى توزيع المواقع الرسمية والادارية في الدولة في كل المستويات والقطاعات، وهذه المثالثة أُريد لها ان تكون بين الطوائف الكبرى الثلاث: المارونية والشيعية والسنية، بحيث تضمن هذه المثالثة حصصاً متساوية لأبناء هذه الطوائف في كل القطاعات والمواقع، ولا تتعدى النطاق الاداري الى السياسي، بمعنى ان تحكم الطوائف الثلاث الكبرى البلد وتتحكّم به بمعزل عن الطوائف الاخرى، فيما “اتفاق الطائف” يقضي دوماً بتشكيل حكومات وفاق وطني، او حكومات تتمثّل فيها كل المكونات السياسية والطائفية بحيث لا يستثنى من التمثيل فيها إلّا من يريد ان يستثني نفسه بقرار ذاتي يتخذه.
هذا التحذير، يقول سياسيون، هو لزوم ما لا يلزم، لأنّ أحداً لا يمكنه الدخول في مثالثة سياسية – سلطوية تقود البلد، ولو انّ «اتفاق الطائف» طُبّق أو يُطبّق نصاً وروحاً لَما كان هناك من داع لإثارة هواجس أو مخاوف لا مبرر لها أساساً، وكذلك ما كان هناك من داع الى طرح الحياد، ولكان الحياد تحقق تلقائياً، خصوصاً انّ اولى مستلزماته ان تكون في البلاد دولة قوية تمارس سيادتها وتتخذ قراراتها السيادية والمصيرية وحتى العادية بعيداً من اي مؤثرات او تدخلات خارجية، فحتى يكون لبنان محايداً عليه ان يمتلك كل اسباب القوة السياسية الاقتصادية والمالية والعسكرية من دون حاجة الى الاعتماد على هذه الدولة او تلك، او على هذا المحور او ذاك، في حين انّ واقعه اليوم يبدو نهباً لكل انواع التدخلات الخارجية من مستوى سفراء الدول العاملين في لبنان الى مستوى حكومات هذه الدول، وصولاً الى بعض المنظمات الاممية والدولية التي تَأتمر بهيمنة العواصم الكبرى على قراراتها، سواء في شأن لبنان او غيره من الدول الضعيفة، حتى لا نقول المغلوب على امرها، في عالم لم يعرف العدالة يوماً منذ تأسيس الامم المتحدة وإحداث حق «فيتو» للدول العظمى الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي.