كلام الرئيس عون جاء في خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، امين سر الكرسي الرسولي الكاردينال بييترو بارولين الذي نقل اليه رسالة تضامن “من البابا فرنسيس الى الشعب اللبناني بجميع فئاته في هذا الظرف الأليم الذي يجتازه بعد الانفجار الذي هز العاصمة بيروت، إضافة الى مرافقته بالصلاة والمبادرات من اجل النهوض بلبنان من جديد”، مشددا على ان “للبنان مكانة خاصة لدى الكرسي الرسولي وهو موضع عناية واهتمام، بالنظر الى ما يمثله من قيمة ونموذج للعيش معا بجميع أبنائه، مسيحيين ومسلمين”.
وقال الكاردينال بييترو: “ان لبنان ليس وحيدا ابدا في الظرف الأليم الذي يجتازه، فهو بامكانه دوما الاتكال على دعم الكرسي الرسولي كما على التضامن الدولي معه. انني انقل اليكم والى الشعب اللبناني رسالة رجاء من الحبر الاعظم الذي يعتبر ان لبنان يمتلك من المقومات الداخلية ما يجعله ينهض من آلامه، محولا فترة الألم هذه الى محطة رجاء جديد له وللمنطقة وللعالم الذي يقف بجانبه”، ولفت الى ان “لبنان في مئوية وجوده الأولى كدولة اعطى نموذجا يحتذى كصيغة تجمع المسيحيين والمسلمين وتتطلب الكثير من التوازن بين الاختلافات والتنوع، على الرغم من العديد من الازمات التي اجتازها، لكن شعبه وجد دائما في نفسه مصادر قوته للخروج منها والسير قدما. واليوم الرجاء الجديد الذي ينبع من لبنان هو امر واقعي وليس مجرد تمنيات لعبور هذه المرحلة”.
وشدد على ان “دور الكرسي الرسولي هو الثبات في الوقوف الى جانبكم كما كان على الدوام تجاه لبنان لأنه وطن جدير بالحياة والبقاء، لما فيه خيره وخير منطقة الشرق الأوسط والعالم، فعالم اليوم بحاجة الى نموذج ورجال يشهدون انه بالامكان العيش معا، وهو امر بات ضروريا وملّحا لا سيما بعد سقوط جدار برلين،. وقال: “انتم كشعب لبناني، مسيحيين ومسلمين، تعطون هذه الرسالة للعالم، لأنكم انتم تجسدونها، من دون الدخول في صراعات المنطقة والعالم”.
الرئيس عون
من جهته رد رئيس الجمهورية شاكرا الكاردينال بارولين على حضوره ممثلا للحبر الأعظم في هذه الزيارة المهمة للبنان، لاحياء يوم الصلاة والصوم من اجل هذا البلد التي دعا اليها البابا فرنسيس لجميع المؤمنين في العالم، مشيرا الى انه سيشارك والعائلة “في هذا اليوم عبر صلاة خاصة بعد الظهر في كابيلا القصر الجمهوري، وقال: “اتابع ما يقوله البابا فرنسيس عن لبنان، ومحبته الخاصة له عن كثب، وأود ان تنقلوا الى قداسته محبتنا البنوية له، وبالغ امتناننا للعناية التي يوليها للبنان وشعبه بجميع فئاته، وهذا ليس بأمر جديد بالنسبة الى الكرسي الرسولي الذي تربطه بلبنان وجميع ابنائه علاقة مميزة”.
وطلب الرئيس عون من الكاردينال بارولين نقل دعوته المتجددة الى “الأب الاقدس لزيارة لبنان”، مشيرا الى ان “اللبنانيين جميعهم ينتظرونه”.
ورحب الكاردينال بذلك، مؤكدا نقل هذا التمني الى البابا فرنسيس عند عودته الى حاضرة الفاتيكان، ومشيرا الى ان “تفشي وباء كورونا أدى الى الغاء زيارات الحبر الأعظم المقررة للعام 2020″، آملا “الا ينسحب الامر على السنة المقبلة أيضا”.
واكد الرئيس عون ان ما يبذله من جهود “سواء عبر انشاء “اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار” التي تبنتها الامم المتحدة او الدعوة المتجددة للحوار بين مختلف المسؤولين اللبنانيين تصب كلها في اتجاه تأكيد دور لبنان ورسالته وتوطيد أسس التلاقي بين جميع أبنائه من اجل مستقبل راسخ”.
الكاردينال بارولين
وبعد اللقاء، صرح الكاردينال بارولين للصحافيين، فقال: “يسرني ان اعرب بداية عن امتناني لفخامة رئيس الجمهورية اللبنانية على اللقاء لمناسبة زيارتي السريعة الى لبنان. وقد نقلت اليه تحيات الاب الأقدس البابا فرنسيس الذي شاء ان تكون زيارتي لكي اعرب لهذا البلد وابنائه جميعا عن قربه الابوي منهم وتضامنه التام على اثر الانفجار الهائل الذي هز مدينة بيروت، منذ شهر. في اطار هذا اليوم الذي دعا اليه الحبر الأعظم للصلاة والصوم من اجل لبنان، يوم الأربعاء المنصرم، فإن قداسته يرغب بالتعبير بطريقة حسية وفاعلة عن تضامن الكنيسة الكاثوليكية بأسرها تجاه لبنان وجميع أبنائه. هذا هو معنى حضوري اليوم”.
أضاف: “لقد تحدثنا كذلك عن الوضع العام، ونقلت الى فخامته تأكيد الكرسي الرسولي ان لبنان ليس وحيدا وسط الظروف الصعبة التي يجتازها، وهو لقي دعم العديد من الدول التي سارعت الى تقديم يد العون له من اجل إعادة بناء الجزء الذي تهدم من العاصمة نتيجة الانفجار”.
ولفت الى ان “اللقاء كان مناسبة أيضا لتأكيد الأهمية التي يوليها الكرسي الرسولي للبنان، وفق الشعار الأشهر الذي قاله البابا القديس يوحنا بولس الثاني “ان لبنان اكثر من وطن انه رسالة” للعيش معا بطريقة سلمية بين مختلف مكونات شعبه. انه وطن شديد الاختلاف لجهة مكوناته ولكنه يؤكد على ان العيش معا امر ممكن وواجب. وقلت للرئيس عون ما اعتبرته امرا هاما، ان واقع لبنان هذا ليس مهما من اجل خير لبنان ورفاهيته، انما أيضا لكل منطقة الشرق الأوسط التي تجتاز مرحلة من الأزمات والصعاب والصراعات، وكذلك بالنسبة الى العالم بأسره، ذلك ان التحدي اليوم يكمن في العيش معا على الرغم من كوننا مختلفين عن بعضنا البعض. ونحن نشجع فخامة الرئيس ودول المنطقة على السير قدما في هذا الاتجاه، مع الحفاظ على هويت لبنان المميزة، فيما نحن نحيي في هذا العام مئوية لبنان الكبير، مع التشديد على الحوار مع جميع الأطراف لأنه فقط من خلال الحوار بإمكاننا ان نصل الى التفاهم والتعاون معا، وتقديم مستقبل افضل لجميع بنات وأبناء هذا الوطن”.
وختم مجددا شكره “لفخامة الرئيس على هذا اللقاء، واطيب تمنياتي لهذا الوطن الغالي”.
وحضر اللقاء عن الجانب الفاتيكاني الى الكاردينال بارولين، السفير البابوي المونسنيور جوزف سبيتري، المونسنيور ايونوت ستاجاك، امين السر الخاص للكاردينال المونسنيور جيوزيبي فرانكوني. وحضر عن الجانب اللبناني وزير الخارجية والمغتربين وفي حكومة تصريف الاعمال شربل وهبه، الوزير السابق سليم جريصاتي، المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير والمستشار الإعلامي في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا.