كتب عمر نشابة في “الأخبار”: إن تثبيت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لبراءة ثلاثة من المتهمين الأربعة لا يدل على صوابية عملها ولا على إخفاقات مكتب المدعي العام فيها. كما أنه لا يدل على تسييس عمل المحكمة ولا على عكس ذلك. بل إن ما يفترض أن يستدعي الاهتمام هو كيفية عمل المحكمة منذ إنشائها وإذا ما كان مكتب المدعي العام والقضاة والمحامون قد قاموا بالمهامّ التي كُلفوا بها قانونياً على أكمل وجه وبطريقة مهنية وأخلاقية تدل على كفاءة عالية وبحث جدي وصادق ومسؤول عن الحقائق.
في نص الحكم الذي أصدرته المحكمة يوم 18 آب 2020، وردت عبارة «إخفاق» أو «فشل» (Failure) أكثر من 173 مرة، للإشارة الى إخفاقات مكتب المدعي العام الذي تقاضى القسم الأكبر من ميزانية المحكمة الخاصة بلبنان منذ انطلاق عملها عام 2009. يعني أن لبنان سدّد مئات ملايين الدولارات ليحصد ما عدّه قضاة المحكمة أنفسهم «إخفاقات».
في ما يأتي، نعرض أبرز الإخفاقات التي تكشف أن عمل مكتب المدعي العام افتقد الى الدقة والاحتراف، كما أن المحكمة بقضاتها ومحاميها والمحققين والموظفين تصرّفوا خلافاً لمبدأ «اقتصاد العدالة» (judicial economy) الذي يقتضي تجنب صرف الأموال مقابل إجراءات وأعمال ومهام لا تتطلبها شروط المحاكمة العادلة.
1- خبير غير خبير
اعتمد مكتب المدعي العام على خبير اتصالات يدعى دونالدسون. وعرض هذا الأخير تقارير بمئات الصفحات تضمنت تحليلات عن الهواتف المنقولة والشبكات المزعومة مستنداً اليها لتبيان ضلوع المتهمين الأربعة في اغتيال الحريري. لكن تبين لقضاة غرفة المحاكمة أن « لا خبرة لدونالدسون في تحليل أفضل دائرة جغرافية لالتقاط الهواتف (بهدف تحديد مكان وجود الهاتف في وقت محدد)» (الصفحة 99 الفقرة 340). وسمحت المحكمة لدونالدسون تقديم إفادته غير أنها اشترطت أنه «لا يحق له بأن يحسم بأن هناك تزامناً مكانياً للهواتف وبالتالي لا يحق له بأن يدعي تحديد مستخدمي الهواتف» (الصفحة 99 الفقرة 341). وبالتالي، بالرغم من الميزانية الضخمة المخصصة لمكتب المدعي العام والتي تسمح له بالإتيان بأفضل الخبراء الذين لديهم أهم الخبرات بهذا الموضوع، فشل المدعي العام في ذلك وفضل تعيين «خبير» بلا خبرة كما وصف في نص الحكم.
2- المجهولون الـ13
جاء في نص الحكم أن المدعي العام زعم أن شخصاً مجهولاً (س 6 وحرف س/S يدل على SUSPECT أي مشتبه فيه) كان برفقة المتهم سليم عياش عندما اشترى شاحنة الميتسوبيشي (الصفحة 40 الفقرة 151). كما زعم المدعي العام أن هناك 13 مشتبهاً فيهم إضافة الى س6، وهم س5 وس7 وس8 وس9 وس10 وس11 وس12 وس13 وس14 وس18 وس19 وس23 (الصفحة 11) غير أنه بعد مرور 15 سنة من التحقيقات الجنائية وصرف مئات ملايين الدولارات عجز المدعي العام الدولي عن تحديد هوية أيّ من هؤلاء الأشخاص كما عجز عن تقديم أي معلومات صحيحة عنهم.
3- عدم التوسع في التحقيق
في نص الحكم دلائل واضحة تشير إلى إخفاق المدعي العام والمحققين التابعين له على المستوى المنهجي والمهني من خلال عدم التوسّع في التحقيق بشأن فريق الأمن الذي كان مكلفاً حماية الرئيس رفيق الحريري. حيث جاء في نص الحكم أنه «لأجل اغتيال يحظى بحماية مشددة مثل الحريري، يجب جمع كمّ كبير من المعلومات بشأن عاداته وعادات المكلفين حمايته، المرافقين والموكب وأمنه الخاص وعناصر قوى الأمن الداخلي المكلفين حمايته كرئيس سابق للحكومة» (الصفحة 1562 الفقرة 4686).
لقراءة المقال كاملا اضغط هنا