تبعات الانفجار
وبعيداً من التحليلات والتكهنات حول دخول لبنان مدار هذه التفجيرات والاستهدافات، يطرح انفجار عين قانا أسئلة حول مسائل تطغى على ما عداها، وخصوصاً المبادرة الفرنسية. لقد حصل الانفجار بعد أسابيع من التجديد لعمل قوات الطوارئ الدولية.
وفي منطقة لا يشملها القرار 1701، ولا عمل قوات اليونيفيل.
وهذا قد يفتح سجالات جديدة حول طبيعة عمل قوات الطوارئ، والعودة إلى المطالبة الأميركية بتوسيع صلاحياتها وتعزيز قدراتها، وشمول عملها مناطق الجنوب المختلفة.
وذلك قبل انتهاء فترة الستين يوماً التي أعطيت للأمين العام للأمم المتحدة، لإعداد خطة جديدة حول تعزيز عمل القوات الدولية.
خوف محلي وحملة دولية
وسيترافق ذلك مع مزيد من الحملات السياسية الدولية على لبنان، وخصوصاً حزب الله الذي يضع مراكزه العسكرية ومخازن أسلحته وصواريخه في المناطق السكنية والقرى الجنوبية.
ويترتب على ذلك أمور سياسية وشعبية: خوف الناس من حزب الله ووجوده في مناطق سكنها.
وانفجار قانا يتخطى ملف تشكيل الحكومة، ويعيد إلى الضوء الشروط والطروحات الأميركية: لا يمكن تأجيل البحث في وضع حزب الله العسكري وعقد تسويات سياسية معه.
وما جرى يجدد الحملة الدولية على حزب الله بأنه يهدد الجيش اللبناني، وهياكل الدولة ومؤسساتها، التي لم يظهر وجودها إطلاقاً في موقع الانفجار.
فلو حصل الانفجار خطأً في مركز يحتوي على مخلفات الحرب، لماذا منع أي حضور لسلطات الدولة اللبنانية؟ هذا نوع من الأسئلة سيطرح دولياً وأميركياً على وجه الخصوص.
علماً بكثرة الآراء التي تتحدث داخل الإدارة الأميركية عن عدم الاستمرار في تقديم المزيد من المساعدات الأمنية للبنان، فيما تنعدم قدرة الدولة على إثبات وجودها وإجراء تحقيقات في ما يجري على أراضيها.
وقد شاع سريعاً الحديث عن فرض عناصر حزب الله طوقاً أمنياً حول منطقة الانفجار، ودخول آليات الهيئة الصحية الإسلامية التابعة للحزب إياه إلى الموقع.
طبعاً هذه الإجراءات يعتبرها حزب الله واللبنانيون روتينية “حفاظاً على أمن المقاومة”. ولكن مثل هذه الذرائع لا يمكن أن يقبلها المجتمع الدولي.
إحراج جديد لفرنسا
يمثل انفجار عين قانا وما ينجم عنه، ضربة ثانية قوية جداً للمبادرة الفرنسية.
فحزب الله المتهم دولياً بتخزينه أسلحته وصواريخه في مناطق سكنية، يطالب بوزارة المال! فكيف يمكن لفرنسا أن تتعاطى مع مثل هذه المطالبة، وكيف يمكنها متابعة مبادرتها مع هذا الحزب؟
لذا ستوجه أسئلة كثيرة للفرنسيين، حول موقفهم بعد كل ما يجري.
ولن تشمل الأسئلة الفرنسيين فقط، بل اللبنانيين أيضاً.
وذلك في إطار الحملات الدولية الضاغطة باستمرار على حزب الله، لعزله لبنانياً، سياسياً بعد ما ظهر في ملف تشكيل الحكومة، ومبدأ المداورة الذي يرفضه الحزب إياه، وتجمع عليه الطوائف والقوى اللبنانية كلها.
وتطاول الحملة أيضاً عزله أمنياً وعسكرياً واقتصادياً، بتحميله مسؤولية تخويف اللبنانيين وتهديد أمنهم واستقرارهم. والأخطر من هذا كله، هو استمرار هذا النوع من الحوادث، وما قد تؤدي إليه من احتقانات وانفجارات أهلية على أكثر من صعيد، في ظل حرب التصعيد المفتوحة بين إيران وأميركا.