نصرالله يردّ “التحية” لماكرون: الأمر لإيران

29 سبتمبر 2020
نصرالله يردّ “التحية” لماكرون: الأمر لإيران
beirut News
كتب احمد عياش

مسارعة “حزب الله” الى الرد على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر إطلالة تلفزيونية لأمينه العام السيد حسن نصرالله مساء اليوم الثلثاء، تدلّ على التأثير الكبير الذي أحدثته مواقف سيد الاليزيه من الحزب، ما شكّل انقلابا كاملا للتوجهات الفرنسية منذ إنطلاقة مبادرة باريس في بداية الشهر.

فبعد “الود” الذي ميّز مواقف الرئيس ماكرون من الحزب خلال زيارتيه في 6 آب الماضي والاول من أيلول الجاري، أطل في مؤتمره الصحافي بوجه “متشدد” حيال الحزب. فهل هناك أسباب غير معلنة حتى الآن أدت الى هذا التحول في الموقف الفرنسي والذي ستكون له آثار بعيدة المدى على المستويين الداخلي والخارجي؟

في معلومات لـ”النهار” من اوساط قريبة من موسكو، ان المحاولات الاخيرة التي جرت لإنقاذ المبادرة الفرنسية، وتجلّت بخطوة الرئيس سعد الحريري بالتراجع عن مطلب المداورة في توزيع الحقائب الوزارية في ما خصّ حقيبة المال لمرة واحدة من خلال إسنادها الى وزير شيعي، كانت بدفع فرنسي خلافا لما قاربه الرئيس ماكرون عندما قال “ان سعد الحريري أخطأ عندما أضاف معيارا طائفيا في توزيع الوزارات”، والسبب الذي دفع الحريري الى هذه الخطوة والتي وصفها بعبارة “تجرّع السمّ”، هو فتح المسار المغلق مع الثنائي الشيعي الذي كان متمسكا ولا يزال بحقيبة المال وبحق تسمية الوزراء الشيعة.

وتضيف هذه المعلومات ان رئيس مجلس النواب نبيه بري، أحد ركنَيّ الثنائي، كان مجارياً لخطوة الرئيس الحريري، لكن “حزب الله” سارع الى رفض مبادرة الأخير بالمطلق، ما جعل الرئاسة الفرنسية تلجأ الى الضغط الدولي.

وهنا تتحدث الأوساط عن ان الرئيس ماكرون أجرى اتصالاً بنظيره الروسي فلاديمير بوتين كي يتوسط لدى القيادة الايرانية بما لديه من نفوذ لدى هذه القيادة كي تستجيب لمتطلبات تشكيل حكومة لبنانية خالية من نفوذ الاحزاب، وتكون “حكومة مهمة” كما وصفتها باريس. وبناء على الاتصال الفرنسي – الروسي رتبت موسكو على عجل زيارة لوزير خارجية إيران محمد جواد ظريف الذي أجرى محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف.

وقد تولى الاخير شرح اهمية ان تنجح المبادرة الفرنسية في توفير استقرار في لبنان في هذه المرحلة المضطربة في المنطقة، ما يعود بالنفع على القوى الفاعلة فيها ومن بينها الجمهورية الاسلامية.

لكن الجانب الروسي فوجئ عندما أبلغه الوزير ظريف ان طهران متمسكة بمشاركة “حزب الله” في أية حكومة يتم تشكيلها في صورة مباشرة وليس مواربة.

وفهم الجانب الروسي من الجانب الايراني انه لا ضير من انتظار شهر تقريبا يفصلنا عن الانتخابات الاميركية بعد مرور نحو اربعة اعوام من المواجهات الاميركية – الايرانية، وبالتالي لا داعي للعجلة في هذه المرحلة الدقيقة من المواجهات.

وتخلص هذه الاوساط الى القول ان باريس تبلّغت فورا نتائج زيارة ظريف فيما كانت طهران تبعث بمحضر عن نتائج هذه الزيارة الى “حزب الله” الذي مارس طرقا ديبلوماسية في التعامل مع مساعي تأليف الحكومة، الى ان جاءه النبأ عن محادثات ظريف في موسكو، فانبرى عندئذ الى إشهار التصلب الذي سرى أيضا على الرئيس بري نفسه.

لم يتأخر وزير الخارجية الإيراني شخصيا عن خفض التوقعات بشأن محادثاته في موسكو، فنفى قبل الذهاب اليها أن تكون فرنسا تقدمت بطلب إلى طهران للتفاوض مع روسيا بشأن الوضع في لبنان. وقال ظريف بحسب ما نقلت عنه “وكالة أنباء الطلبة الإيرانية”، عقب وصوله إلى موسكو: “الفرنسيون لم يطلبوا من إيران التفاوض مع الروس بشأن الوضع في لبنان”.

لكنه أضاف أن “من الممكن أن نتحدث مع أصدقائنا الروس بشأن لبنان خلال زيارتنا لموسكو، لكن ذلك ليس مسألة ذات أولوية على جدول أعمالنا”.

في سياق متصل، لم يكن كلام الرئيس ماكرون عن الرئيس بري آتياً من فراغ عندما قال ان “الرئيس بري أقر بأن ذلك (التمسك بحقيبة وزارة المال) كان شرطا من حزب الله”.

أما في المقلب الايراني فقد صدر أمر عمليات إعلامي لإسقاط المبادرة الفرنسية.

ومن عيّنات “أمر العمليات” هذا، ما ورد في مقالات الصحف الايرانية الصادرة السبت الماضي، أي بعد محادثات ظريف في موسكو، إذ كتبت صحيفة “خراسان” تحت عنوان “مخطط ماكرون لتجريد حزب الله من السلاح” تقول: “ان وراء ضغوط ماكرون وتهديداته بشأن تشكيل حكومة لبنانية بوصفة غربية، هدفاً يتمثل بتجريد حزب الله من السلاح. نعم فرنسا والولايات المتحدة تتحدثان عن ضرورة اجراء اصلاحات جذرية في لبنان عبر تشكيل حكومة تكنوقراط وتربطان تحقيق ذلك بتقديم المساعدات والقروض له، ولكن وراء كل هذا الكلام هدف يرتبط بإعادة الهيمنة الغربية على لبنان لمصلحة الكيان الصهيوني عبر تجريد حزب الله من السلاح، ومن هنا لم يكن من باب الصدفة ان تنظم التيارات الداخلية المعروفة بولائها للغرب تظاهرات تطالب الامم المتحدة بتفعيل قرار حصر السلاح بيد الجيش اللبناني وتجريد حزب الله من السلاح وذلك بالتزامن مع تلويح باريس وواشنطن بضغوط قريبة على لبنان في حال عدم تشكيل الحكومة اللبنانية”.

أما صحيفة “جوان” وتحت عنوان “المساعدات للبنان مشروطة بإصلاحات اميركية”، فكتبت: “تتحرك اميركا وفرنسا لإيجاد هيكلية جديدة لنظام الحكم في لبنان تنسجم مع الرؤية والنيات والمصالح الغربية، وفرنسا هي التي تقود هذا التحرك ولكن بإشراف اميركا وتوجيهها، مستخدمة سياسة عصا العقوبات وجزرة المساعدات والقروض، وذلك لدفع الامور باتجاه تشكيل حكومة لبنانية جديدة على اساس وصفة تتلخص بعزل قوى المقاومة وتهميشها بحجة تتحدث عن تشكيل حكومة خبراء محايدة، أي لا ترتبط بأحزاب ولا تضم مسؤولين ونواباً حاليين أو سابقين.

ان كل هذا التركيز الفرنسي – الاميركي لا يرتبط بالحرص على مصالح لبنان ومستقبله ابدا، بل بضمان مصالح الكيان الصهيوني واهدافه وبإعادة لبنان الى دائرة النفوذ الغربي بإضعاف المقاومة”.

قالت طهران كلمتها في المبادرة الفرنسية وحققت مرادها.

ولن يقول نصرالله إلا ما قالته طهران وهو: “الأمر لإيران ونقطة على السطر”!

المصدر النهار