هل صعّب جنبلاط من مهمة الحريري؟

13 أكتوبر 2020
هل صعّب جنبلاط من مهمة الحريري؟

تحت عنوان هل صعّب جنبلاط من مهمة الحريري؟، كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”: إختلط الحابل بالنابل، ولم يعد أحد قادرا على إعطاء تصور لما يمكن أن يشهده يوم الخميس الموعود، سواء على صعيد حصول الاستشارات النيابية الملزمة وتسمية الرئيس سعد الحريري، أو تأجيلها لمزيد من المشاورات التي بدأها الحريري أمس، أو لجوئه الى التنحي مجددا عن هذه المهمة التي يبدو من التعقيدات والمواقف السياسية التي بدأت تتوالد أنها لن تكون سهلة.


يمكن القول، إن الأيام الثلاثة التي أعقبت إطلاق الحريري لمبادرته كانت كفيلة بإعطاء “رسم تشبيهي” لمواقف القوى السياسية منها، حيث إنتظر “زعيم المستقبل” إشارة إيجابية ليبني عليها وينطلق منها في مشاوراته، لكن ذلك لم يحصل، بل جاءت المواقف غامضة وأقرب الى السلبية التي تجسدت بشكل كامل في موقف الحليفين القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي الذي شن رئيسه وليد جنبلاط ليل أمس هجوما عنيفا على الحريري، وصولا الى إعلانه رفض إستقبال “اللجنة الزرقاء” التي شكلها لاستطلاع رأي الكتل النيابية ومعرفة مدى إلتزامها بالمبادرة الفرنسية.

هذه السلبية بدا تأثيرها واضحا على الحريري الذي بدا متجهما بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون، ولعل البيان المعدّ مسبقا الذي تلاه أمام الصحافيين يؤكد بأن لدى الحريري فكرة واضحة عن مواقف القوى السياسية من مبادرته، لذلك فقد حرص على تضمين بيانه تحذيرات من إضاعة الفرصة الوحيدة والأخيرة.

التجهم على وجه الحريري إستمر حتى بعد لقائه الرئيس بري مساء، وهو إن حاول إشاعة أجواء مريحة من خلال التأكيد على إيجابية رئيس مجلس النواب وتفهمه، إلا أن معلومات خاصة أكدت أن موقف الرئيس بري لم يختلف كثيرا عن موقفه السابق خلال محاولة الرئيس مصطفى أديب تشكيل الحكومة.

في غضون ذلك، يبدو أن مقابلة وليد جنبلاط مع الزميلة نانسي السبع على قناة “الجديد”، جاءت لتصعّب من مهمة الحريري وتحرجه بشكل كبير أمام اللبنانيين عموما وجمهورة خصوصا، حيث لم يتوان “زعيم الاشتراكي” عن إتهام الحريري بأنه “سلم البلد الى جبران باسيل والثنائي الشيعي”، وهو أوحى أن الحريري يطبخ مبادرته مع هذين الطرفين بمعزل عنه وعن سمير جعجع، وأن الأسماء التي ستنضم الى حكومته ستكون حزبية أو سياسية بقناع تكنوقراطي، لافتا الى أنه قد يسمي الحريري يوم الخميس شرط حصوله على وزارات وازنة مثل الصحة والتربية والشؤون الاجتماعية، الأمر الذي أعطى إنطباعا بأن ما يحصل هو عملية إستنساخ لحكومة حسان دياب، لكن برئاسة الحريري وتحت شعار الاختصاصيين غير الحزبيين الذين ترضى عنهم التيارات السياسية.

جنبلاط وجه عتبا كبيرا بشكل غير مباشر الى الحريري، عندما أعلن رفضه إستقبال اللجنة التي شكلها، وقال “ليس هكذا يعامل وليد جنبلاط”، وصولا الى قوله “ما بدي شوف حدا” وذلك في إشارة الى رفض زيارة الحريري له في حال أراد ذلك.

هذا الواقع، يطرح سلسلة تساؤلات لجهة: كيف سيتعامل الحريري مع حليفيه جنبلاط وجعجع؟، وهل سيشكل حكومة من دون هذين المكونين؟، وفي حال أقدم على ذلك كيف سيكون موقف الادارة الأميركية والمملكة السعودية من حكومته؟، وهل ينفع الدعم الفرنسي بمفرده؟، أم أن الفرنسي سينجح في تعويم الحكومة الحريرية دوليا وعربيا؟، وهل فعلا سيقوم الثنائي الشيعي والوطني الحر بتسهيل مهمة التكليف ومن ثم التأليف؟، أم أن الشروط ستكبل الحريري مجددا؟.

وبعد ذلك، في حال إضطر الحريري الى تشكيل حكومة ظاهرها إختصاصي ومضمونها سياسي، أليس من الأفضل له العودة الى إعتماد حكومة “التكنوسياسية” وفقا لمبادرة الرئيس نجيب ميقاتي الذي أعلن دعمه الكامل له أمس، وأكد أن مبادرته تصلح لكل زمن؟!..