انهيار شامل بلا أي اهتمام خارجي.. حركة التطبيع العربية تعمّق عزلة لبنان!

24 نوفمبر 2020
انهيار شامل بلا أي اهتمام خارجي.. حركة التطبيع العربية تعمّق عزلة لبنان!

كتب منير الربيع في “المدن”: في واحدة من مقاربات أسباب اندلاع الحرب في لبنان عام 1975، هناك من يربطها بقوة بتطورات خارجية، تمفصلت على  تناقضات لبنانية داخلية. وكانت تلك الحرب قد بدأت بعد سنتين على حرب العام 1973 العربية مع إسرائيل، وتزامنت مع المفاوضات بين مصر والدولة العبرية، لإبرام اتفاق كامب ديفيد.

 

كلفة الحرب والسلام

وفي تلك المرحلة اللبنانية الدموية السوداء، برزت طروحات كثيرة تدعو إلى تقسيم لبنان. واليوم، وفي غمرة مسار التطبيع وعقد اتفاقيات سلام مع إسرائيل، هناك من يستشعر الخوف على مصير لبنان، والذي لن يبقى كما كان تاريخياً، بعد سقوط مقومات وأسس نظامه، اقتصادياً وسياسياً ومالياً، وحتى على صعيد علاقاته العربية والدولية.

 

يعبّر كثر من اللبنانيين عن خوفهم من انعكاس اتفاقيات السلام والتطبيع سلباً على الواقع اللبناني. إذ لطالما استفاد لبنان من أنه مساحة مشتركة لتقاطعات مالية واستثمارية عربية، وخليجية تحديداً. اليوم، هناك خشية من أن تكون إسرائيل هي الخيار العربي البديل في ظل القطيعة العربية التي يعانيها البلد الصغير. ومن  تداعياتها أو نتائجها، هذا الانهيار اللبناني الشامل، بلا أي اهتمام خارجي لإنقاذه ومساعدته.

 

وتبقى الخشية الأكبر من أن تنعكس التطورات الخارجية أمنياً أو عسكرياً على المسرح اللبناني. وخصوصاً في الشهرين المقبلين المتبقيين من ولاية دونالد ترامب. وهذا وسط تحليلات كثيرة تفيد عن احتمال تصعيد عسكري أو أمني مع إيران. فيما تتوارد معطيات عن استنفار عسكري جوي وبحري في منطقة الخليج.

 

جبهات هادئة وتغّول إيراني

لكن الظروف الحالية مختلفة جذرياً عن ظروف العام 1975. فالحرب اليوم لن تنعكس إيجاباً على مسار التطبيع. بل على العكس، ستؤدي إلى الإطاحة به، لمجموعة أسباب لبنانية وغير لبنانية.

 

فلو نفذت إسرائيل، مثلاً، اعتداءً شاملاً على لبنان، ما يؤدي إلى زيادة تدميره، فإن ذلك يستدعي مواقف استنكار من الدول العربية، ولا يعود بإمكانها الذهاب إلى عقد اتفاقيات السلام. واختيار هذه الدول مسار التطبيع ما كان ليحصل، لو أن هناك معركة حقيقية مفتوحة بين إسرائيل وإيران، أو حلفائها. فلو أن هناك معركة سورية إسرائيلية مباشرة، لم يكن لأي دولة عربية أن تذهب إلى التطبيع. وهذا ينطبق على الواقع اللبناني: لو كانت هناك اشتباكات أو معارك جدية أو حقيقية في جنوب لبنان، فلن يسهل على أي دولة عربية الانخراط في اتفاقيات السلام.

 

 

حركة التطبيع العربية تعمّق عزلة لبنان.. كرهينة إيرانية

 

 

كتب منير الربيع في “المدن”: في واحدة من مقاربات أسباب اندلاع الحرب في لبنان عام 1975، هناك من يربطها بقوة بتطورات خارجية، تمفصلت على  تناقضات لبنانية داخلية. وكانت تلك الحرب قد بدأت بعد سنتين على حرب العام 1973 العربية مع إسرائيل، وتزامنت مع المفاوضات بين مصر والدولة العبرية، لإبرام اتفاق كامب ديفيد.

 

كلفة الحرب والسلام

وفي تلك المرحلة اللبنانية الدموية السوداء، برزت طروحات كثيرة تدعو إلى تقسيم لبنان. واليوم، وفي غمرة مسار التطبيع وعقد اتفاقيات سلام مع إسرائيل، هناك من يستشعر الخوف على مصير لبنان، والذي لن يبقى كما كان تاريخياً، بعد سقوط مقومات وأسس نظامه، اقتصادياً وسياسياً ومالياً، وحتى على صعيد علاقاته العربية والدولية.

 

يعبّر كثر من اللبنانيين عن خوفهم من انعكاس اتفاقيات السلام والتطبيع سلباً على الواقع اللبناني. إذ لطالما استفاد لبنان من أنه مساحة مشتركة لتقاطعات مالية واستثمارية عربية، وخليجية تحديداً. اليوم، هناك خشية من أن تكون إسرائيل هي الخيار العربي البديل في ظل القطيعة العربية التي يعانيها البلد الصغير. ومن  تداعياتها أو نتائجها، هذا الانهيار اللبناني الشامل، بلا أي اهتمام خارجي لإنقاذه ومساعدته.

 

وتبقى الخشية الأكبر من أن تنعكس التطورات الخارجية أمنياً أو عسكرياً على المسرح اللبناني. وخصوصاً في الشهرين المقبلين المتبقيين من ولاية دونالد ترامب. وهذا وسط تحليلات كثيرة تفيد عن احتمال تصعيد عسكري أو أمني مع إيران. فيما تتوارد معطيات عن استنفار عسكري جوي وبحري في منطقة الخليج.

 

جبهات هادئة وتغّول إيراني

لكن الظروف الحالية مختلفة جذرياً عن ظروف العام 1975. فالحرب اليوم لن تنعكس إيجاباً على مسار التطبيع. بل على العكس، ستؤدي إلى الإطاحة به، لمجموعة أسباب لبنانية وغير لبنانية.

 

فلو نفذت إسرائيل، مثلاً، اعتداءً شاملاً على لبنان، ما يؤدي إلى زيادة تدميره، فإن ذلك يستدعي مواقف استنكار من الدول العربية، ولا يعود بإمكانها الذهاب إلى عقد اتفاقيات السلام. واختيار هذه الدول مسار التطبيع ما كان ليحصل، لو أن هناك معركة حقيقية مفتوحة بين إسرائيل وإيران، أو حلفائها. فلو أن هناك معركة سورية إسرائيلية مباشرة، لم يكن لأي دولة عربية أن تذهب إلى التطبيع. وهذا ينطبق على الواقع اللبناني: لو كانت هناك اشتباكات أو معارك جدية أو حقيقية في جنوب لبنان، فلن يسهل على أي دولة عربية الانخراط في اتفاقيات السلام.

 

فما ساعد في الوصول إلى هذه الاتفاقيات، ليس فقط التغول الإيراني في الدول العربية، بل الجبهات الحدودية الهادئة، والتي تستخدم مفاعيلها مجدداً بسياقات عكسية.

 

هذه السياقات العكسية يستخدمها المسؤولون الإسرائيليون دعائياً ويومياً، على غرار مواقف وزير الطاقة الإسرائيلي ودعوته رئيس الجمهورية ميشال عون إلى عقد جلسات تفاوض مباشر في إحدى الدول الأوروبية.

 

وليس بسيطاً أن يأتي هذا الكلام بالتزامن مع تسريب خبر عقد لقاء بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في نيوم بالسعودية. وكأن المقصود قوله إسرائيلياً: ما الذي يمنع لبنان من عقد مفاوضات مباشرة، طالما أن كل المسؤولين العرب يتفاوضون مباشرة مع إسرائيل؟

 

لبنان أسير حزب الله

تعرف الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل أن أي تصعيد عسكري في المنطقة، أو شن حرب على حزب الله في لبنان مثلاً، ستكون تداعياتهما عنصر قوة للحزب إياه. وقد توفران ظروفاً مناسبة لالتفاف اللبنانيين وغيرهم من حوله، والتعاطف معه.

 

وهذا يخالف أهداف المعركة الأميركية – الإسرائيلية مع إيران وأذرعها، وهي محاولة تجويف الحاضنة الشعبية التي تتمتع بها الأذرع الإيرانية. وذلك استناد إلى حرب اقتصادية، وممارسة أقصى أنواع الضغوط التي يفترض أن تدفع الناس إلى الانقلاب على إيران وحزبها في لبنان.

 

وهذا المسار يمكن أن ينجح في سوريا والعراق. لكن نتائجه عكسية في لبنان حتى الآن. فحزب الله، بسيطرته على مفاصل السلطة، يجعل أتباعه وحلفاءه وخصومه، بل الدولة اللبنانية برمتها، أسرى لديه في كل خطوة ينوون الإقدام عليها. والانهيار الذي يتعرض له لبنان بفعل الضغوط، يقوِّض مؤسسات الدولة ومقوماتها. فيما يظل حزب الله على قوته، وقادر على التحكم أكثر بالمفاصل اللبنانية.

 

الهدية للسعودية فلسطينية

وقد يعتبر البعض أن الزيارة التي أجراها نتنياهو إلى السعودية، لا بد أن تعقبها هدية إسرائيلية ما للسعودية، وللدول المطبّعة مع إسرائيل: توجيه ضربة إسرائيلية بغطاء أميركي لبعض المواقع الاستراتيجية أو الأساسية لإيران، سواء داخل الأراضي الإيرانية أو في إحدى دول المنطقة، على أن تكون العملية أمنية وليست عسكرية.

 

لكن حتى هذا التوجه يصطدم بالكثير من المعوقات، إضافة إلى أنه غير محسوم النتائج، وستعرف إيران كيف توظفه، والهدية المعتبرة للسعوديين لا بد أن تكون مرتبطة بالقضية الفلسطينية والفلسطينيين مباشرة، لما سيكون لها من انعكاسات سياسية مستقبلاً. فتتمكن السعودية من الإعلان عن أن تواصلها مع إسرائيل أدى إلى تحقيق شيء ما للقضية الفلسطينية والفلسطينيين. وهذا ما انطوى عليه موقف وزير الخارجية السعودي، الذي أبدى استعداداً للذهاب إلى عقد اتفاق سلام مع إسرائيل، ولكن بعد توفير مقومات قيام دولة فلسطينية.

 

مسار المفاوضات الطويل

وفي ظل كل هذه التطورات، يبقى ضاغطاً المسار الدولي على لبنان، اقتصادياً وسياسياً: عبر ملف ترسيم الحدود الذي يبدو أنه وصل إلى طريق مسدود، بسبب الاختلاف الجذري في مقاربات الطرفين، من دون أن تتوقف المفاوضات.

 

لكنها ستكون موازية للمزيد من الضغوط الاقتصادية والسياسية، إلى أن يرى الطرفان فرصة مناسبة لتنازلات متبادلة، وعقد الاتفاق التقني. ذلك قد يحدث في لحظة تتوافر فيها ظروف تطوير المفاوضات إلى المستوى السياسي، وفق الرغبة الإسرائيلية.

 

لكن المسار سيكون طويلاً وشاقاً، وسيتخلله الكثير من الانهيارات.