اذاً، تتجه الأنظار اليوم الى جلسةاللجان النيابية المشتركة التي ستعقد للنظر في مشاريع واقتراحات قوانين تتعلق بقانون الانتخاب وسط تصاعد انقسام نيابي وسياسي عريض حول توقيت اثارة وطرح هذا الملف ومضامين بعض الاقتراحات المثيرة لخلافات عميقة ولا سيما منها اقتراح القانون المطروح من كتلة التنمية والتحرير.
والمواجهة التي يرجح ان تشهدها جلسة اللجان النيابية المشتركة اليوم حول ملف قانون الانتخاب فتكتسب جانبا من الخطورة لجهة اثارتها أجواء طائفية في ظل المعارضة الشرسة لكل من “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” لما وصف في أوساطهما بقانون الدائرة الواحدة المهدد للتمثيل النيابي المسيحي الذي تطرحه كتلة التنمية والتحرير برئاسة الرئيس بري ناهيك عن المعارضة لتوقيت طرح هذا الملف على مشرحة التشريع وسط الظروف الكارثية التي تجتازها البلاد.
وتوقعت أوساط نيابية مواجهة حامية اليوم كان من مؤشراتها اتخاذ كتلة القوات اللبنانية قرارا بحضور الجلسة لخوض معركة رفض تغيير قانون الانتخاب الحالي بالتنسيق مع كتلة لبنان القوي للمرة الأولى منذ انفراط عقد تفاهم معراب بين الفريقين المسيحيين الأكبرين. ولم تخف الأوساط حذرها من تطييف المواجهة في ظل ما تثيره التباينات حول القانون من أجواء متوترة وإصرار التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على سحب قانوني الانتخاب وإنشاء مجلس الشيوخ من التداول حاليا. وعلى رغم قرار المشاركة في الجلسة ذهب رئيس حزب “القوات” سمير جعجع امس الى اعتبار ما يحصل في خصوص قانون الانتخاب “مؤامرة كبرى ” وسأل “باي منطق يطرح قانون الانتخاب بعد ثلاث سنوات لا اكثر من إقرار القانون الحالي وفي ظل الانقسام السياسي الحاد ؟”.واذ تحدث عن “تقاطع وليس تحالفا” مع التيار الوطني الحر في رفض طرح قانون الانتخاب اليوم جدد حملته العنيفة على الأكثرية الحالية وحملها تبعة “الجريمة التي حصلت في التدقيق الجنائي”، كما مسؤولية التدهور منذ 17 تشرين الأول 2019 حتى اليوم وقال “رئيس الجمهورية والأكثرية النيابية عايشين على غير كوكب وغايبين عن الوعي تماما “.
وبدوره اعلن “تكتل لبنان القوي” مساء برئاسة النائب جبران باسيل انه “لن يفرط بنضال السنوات الطويلة التي أوصلتنا الى قانون انتخاب يصحح التمثيل النيابي واي بحث آخر في هذا الامر لن يكون مقبولا من جهتنا الا من ضمن حل متكامل لتطوير النظام وتعديل الدستور بإقامة الدولة المدنية بكل مندرجاتها “.
في الموازاة، برزت فجأة معالم واقعة نيابية وسياسية ومالية جديدة سيكون موعدها أيضا في نهاية الأسبوع الحالي. المفاجأة الجديدة تمثلت في رمي رئيس الجمهورية ميشال عون بكرة “النكسة” العائدة الى فشل التجربة الأولى للتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان من مرمى السلطة التنفيذية الحاكمة الى مرمى مجلس النواب في خطوة يصعب التكهن مسبقا بنتائجها، وذلك من خلال توجيه الرئيس عون رسالة الى مجلس النواب بواسطة رئيسه حول موضوع التدقيق الجنائي في مصرف لبنان، ومسارعة رئيس المجلس نبيه بري الى ملاقاتها بتحديد موعد لجلسة خاصة بها الجمعة المقبل في قصر الاونيسكو. وبذلك يكون المجلس على موعد مع مواجهتين حاميتين على الأرجح اليوم والجمعة باعتبار ان ملف قانون الانتخاب يثير انقسامات حادة معروفة ستتكشف بقوة في جلسة اللجان اليوم فيما لا يستبعد ان تشهد المجلس الجمعة المخصصة لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية واتخاذ الموقف او القرار في شانها حماوة مماثلة على خلفية التباينات من الوقائع التي رافقت ملف التدقيق المالي الجنائي.
في رأي مصادر سياسية ان تركيز رئيس الجمهورية ميشال عون على ايلاء موضوع التدقيق الجنائي المالي الأهمية اللافتة في هذا الظرف الصعب والدقيق الذي يمر به لبنان حاليا، بعد فشل تطبيق قرار الحكومة وانسحاب شركة التدقيق المكلفة بمهمة تطبيقه، وصولا إلى حد توجيه رسالة من قبل رئيس الجمهورية إلى المجلس النيابي لمناقشة هذا الموضوع، يؤشر بوضوح الى محاولة مكشوفة لاثارة حملة من الضجيج السياسي والاعلامي لحجب الأنظار والاهتمام عن المسؤولية المباشرة للرئيس عون في تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، والظهور امام الرأي العام بمظهر الحريص على مكافحة الفساد والهدر في ادارات ومؤسسات الدولة، خلافا للواقع وللممارسة والاداء طوال السنوات الماضية.
وفي اعتقاد المصادر لـ”اللواء” ان عون يحاول من خلال رسالته تحميل المجلس النيابي مسؤولية فشل تنفيذ قرار التدقيق الجنائي، وحمله على إقرار تشريعات بهذا الخصوص، في حين ان مسؤولية إتخاذ اي قرار من هذا النوع تقع ضمن صلاحيات الحكومة وبالتالي قد يؤدي خوض مجلس النواب في هذه المسألة الى انقسام بين أعضائه يستحيل معه إقرار اي تشريع بخصوصه، ولذلك سيقتصر الامر على مناقشة عامة لرسالة عون.
واعتبرت المصادر المذكورة انه كان على رئيس الجمهورية لو كان بالفعل يريد تنفيذ وعوده بالاصلاح ومكافحة الفساد، تحصين قرار التدقيق الجنائي بإخراجه من سلوكية الكيد السياسي لفريقه وباقرار التعديلات اللازمة على القوانين المانعة لتنفيذه وشموله جميع الوزارات والادارات الرسمية بدلا من حصره بمصرف لبنان وقبل كل شي افراجه عن مرسوم التشكيلات القضائية. ولذلك، لن يحجب هذا الضجيج السياسي والصخب مهما ارتفعت حدته مسؤولية رئيس الجمهورية بتعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، التي تشكل في رأي الناس مطلبا ملحا للمباشرة بالصلاحات ومكافحة الفساد وحل الأزمة المالية والاقتصادية التي تضغط على معيشة المواطنين بقوة، بينما يبقى موضوع التدقيق الجنائي اقل اهمية.
يعلم بري جيداً أنّ عون قرر فتح نيران حرب “التدقيق” في وجهه وهو “قبِل التحدي”، حسبما عبّرت مصادر قريبة من عين التينة لـ”نداء الوطن”، وأضافت: “إذا كانت رسالة رئيس الجمهورية تختزن غمزاً من قناة مسؤولية رئيس المجلس النيابي عن تطيير التدقيق الجنائي، فإنّ الرد الأولي عليها أتى ليقول: “فلندخل “مغاور” التيار الوطني الحر في الوزارات والإدارات بدءاً من “الكهرباء” ولنرَ حينها من سيطيّر التدقيق”.
وإذ رجحت أن يحيل بري اقتراح قانون شمولية التدقيق الذي قدمته كتلته إلى اللجان المشتركة لتسريع خطواته التشريعية، ختمت بالقول: “فليبحث رئيس الجمهورية عن الأسباب الفعلية التي أدت إلى انسحاب شركة “ألفاريز” بدل استسهال طريق التّهم الشعبوية، خصوصاً وأنّ اللبنانيين شهدوا على الملأ سجال “البيت العوني الواحد” حول قانونية إعطاء المستندات من عدمه للشركة”.
حكومياً، في حين ينتظر الوسط الرسمي والسياسي زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري الى قصر بعبدا في الساعات القليلة المقبلة لمناقشة آخر المقترحات والصيغ حول تشكيل الحكومة، أوحت الاجواء بان تشكيل الحكومة دونه عقبات داخلية سياسية شكلية حول الحصص وخارجية اعمق تتعلق برفض توزير اي مقرب من حزب الله حتى ولو من باب تسمية شخصية غير حزبية وغير محسوبة على الحزب.وترددان الاميركيين ابلغوا لبنان برفضهم هذا عبر اقنية دبلوماسية اوروبية رفيعة المستوى، فبات لا مسودة ولا نقاش في اي شأن حكومي.
في الغضون، علمت “نداء الوطن” أنّ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي سيزور اليوم قصر بعبدا حيث سيكون “المضمون السياسي” لعظته الأخيرة محور بحث ونقاش مع رئيس الجمهورية.