عن هذه الأسئلة قد نجد بعض الإجابات، وقد لا نجد. وعلى أغلب الظن فإن معظم الإجابات ستكون مبهمة، لأن القصد منها تبرير الإهمال على المستوى الرفيع من المسؤولية. ولكن إعتقادنا أن لبّ المشكلة أن لا أحد من هؤلاء المسؤولين كانت له الرؤية الصائبة عن خطورة الموضوع، فكان الإستلشاق والإهمال.
أغلب الظن أن لا أحد من هؤلاء المسؤولين كانت لديه المعطيات الكافية عن هذه المواد الشديدة الخطورة، أو قد يكون البعض متورطًا في تغطية صفقة ما لسنا ندري لمصلحة من. وهنا يجب أن نسأل سعادة المحقق العدلي لماذا لم يبدأ في تحقيقاته عن الجهة المستفيدة عمليًا من مادة النيترات الأمونيوم، وما هي أوجه إستعمالاته غير السلمية، وما هي الأهداف من إبقاء هذه المواد في العنبر الرقم 12 في المرفأ طوال هذه المدّة؟
اسئلة مشروعة. وقد تكون محاولة الإجابة عنها أو التفتيش عن إجابات مقنعة سببًا رئيسيًا لوضع الأصبع على الجرح، أو بالأحرى لإكتشاف الجهة المستفيدة من إبقاء هذه المادة الشديدة الخطورة في مكانها لسنوات طويلة. وما عدا ذلك فمحاولات لتجهيل الفاعل وإلقاء اللوم على جهات سياسية معينة دون غيرها، خصوصًا أن المشكو منه حتى من قبل بعض القضاة الشجعان هو تدّخل السياسيين في العمل القضائي، وذلك في إشارة واضحة إلى أن ثمة جهات سياسية معينة وراء هكذا قرار يصدر عن المحقق العدلي في هذا التوقيت الحساس والدقيق، حيث يتقاذف المسؤولون كرة المسؤولية ويحاولون رميها إلى ملاعب الآخرين، في مسعى منهم لإظهار عدم مسؤوليتهم في تحمّل وزر جريمة العصر، التي كانت أطاحت بعروش لو حصلت في بلد غير لبنان.
من هنا، يمكن الإستنتاج، وفق قراءة بعض المصادر الواسعة الإطلاع، أن ثمة مرحلة شديدة الخطورة ستلي قرار القاضي صوان. ولم تستبعد عودة شبح الإغتيالات السياسية، التي من شأنها أن تضيّع “الشنكاش”، وتعيد الأمور إلى نقطة الصفر في البحث عن الحقيقة، حيث تسيطر حالة من القلق على الجو السياسي المسموم في البلاد، في ظل عدم التوافق على الحدّ الأدنى من القواسم المشتركة لتشكيل حكومة إنقاذ على صورة ما تريدها المبادرة الفرنسية، التي قد تفعّل خلال أو بعد زيارة الرئيس الفرنسي لبنان في 22 الجاري.
فمن هي الجهة المستهدفة، وما هي أهداف الإستهداف، في حال صحّت التوقعات؟
الإجابة البديهية أن أي عملية إغتيال في الوقت الضائع هي محاولة مكشوفة للإصطياد في المياه العكرة. أمّا من المستفيد من هذه العملية، فهم جميع الذين لا يريدون للبنان قيامة.