لكن هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” نشرت تقريرا مفصلا، هو آخر ما توصلت له الأبحاث العالمية، حول سبب وفاة الرجال بصورة أكبر بـ”كوفيد 19″ من النساء.
إحصاءات مرعبة
وقالت شبكة “سي إن إن” الأمريكية إن نسب وفيات الرجال بـ”كوفيد 19″ أكثر بنحو 3 أضعاف عن النساء.
كما أوضحت قاعدة بيانات “غلوبال هيلف” أن هناك زيادة مطردة في معدلات وفيات الرجال بفيروس كورونا المستجد، بصورة أكبر من معظم النساء.
وأوضحت تلك الإحصاءات أن وفيات الرجال بـ”كوفيد 19″ وصلت لأكثر من ثلاثة أرباع عدد الوفيات في اليمن وبنغلاديش وتايلاند وملاوي ونيجيريا، وتسجيل نفس النسبة تقريبا في أفغانستان وباكستان، منذ 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وبلغت النسبة في تركيا وصربيا وقرغيزستان وهونغ كونغ نحو 62%.
ومن بين الدول التي سجلت أكبر إجمالي من حيث عدد وفيات الرجال بسبب فيروس كورونا، جاءت الهند والمكسيك بنسبة وفيات للذكور بلغت 64%، والبرازيل بنسبة 58%، والولايات المتحدة بنسبة 54%.
سر الرجال
وأشارت “بي بي سي” إلى أن الخبراء حددوا عددا من العوامل، التي كانت سببا في ارتفاع وفيات الرجال بصورة أكبر من النساء.
وجاءت تلك العوامل على النحو التالي:
1- مقاومة أقوى
وقالت بي بي سي” إن النساء يمتلكن أنظمة مناعية أقوى من النساء، وهذا يفسر ارتفاع معدلات وفيات الرجال بشكل عام وبغض النظر عن كورونا عن النساء.
وأوضحت، بقولها تشكل النساء، خلال مراحل النمو، نسبة أكثر من نصف الفئة العمرية مقارنة بالرجال.
وأشارت إلى أن النساء يسجلن في كل دولة تقريبا، أعمارا أطول من الرجال، تصل بين 6 إلى 8 سنوات في المتوسط، كما تبلغ كل 4 نساء سن المئة مقارنة برجل واحد.
الناس في مدينة بونو الأنديز، بالقرب من الحدود مع بوليفيا، يقفون في طابور خارج مؤسسة مديرية صناديق المعاشات التقاعدية لطلب معلومات واستفسار حول سحب ما يصل إلى 1،080 دولارًا أمريكيًا بالعملة الوطنية من حسابات التقاعد الخاصة بهم للتخفيف من الأزمة الناجمة عن الإغلاق العام والمعمول به لمدة شهرين لمكافحة الفيروس كورونا، 19 مايو 2020.
ونقلت الشبكة عن جوزيه إيوستاكيو دينيز ألفيس، خبير ديمغرافي درس تأثير كوفيد-19 الضار على اقتصاد البرازيل وسكانها، قوله: “لطالما أظهرت النساء على المدى الطويل معدلات بقاء أعلى على قيد الحياة، وكوفيد-19 يؤكد ذلك، وأود أن أقول إن هذا هو الوضع الطبيعي القديم”.
واكتشف فعليا العلماء، وفقا لما ذكرته الإذاعة الفرنسية الأولى، أن النساء يمتلكن نظاما مناعيا أقوى وأقل عرضة للإصابة بأنواع مختلفة من الأمراض من الرجال، ولعل نسب الإصابة بالسرطان حول العالم، أبرز دليل على ذلك.
كما أن النساء أظهرن مقاومة أكبر للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والإصابة بمختلف أنواع العدوى الفيروسية.
وأرجع الباحثون ذلك إلى ما أطلقوا عليه “التفوق الجيني” للنساء، بالإضافة إلى اهتمام النساء بصحتهن بصورة أفضل من الرجال.
2- قوة كروموسوم إكس
وأشارت “بي بي سي” إلى أن كل خلية في جسم الإنسان تحتوي عادة على 23 زوجا من الكروموسومات، ليصبح المجموع 46 كروموسوما.
ويبدو 22 من هذه الأزواج متشابهة في كل من الذكور والإناث، بينما يكمن الاختلاف في الزوج الـ 23، الذي يعرف بالكروموسوم الجنسي. إذ تمتلك الإناث اثنين من الكروموسومات X بينما يمتلك الذكور كروموسوم X واحد وكروموسوم Y واحد.
ويعد الكروموسوم X أكبر من الناحية الهيكلية بل أكثر تعقيدا مقارنة بكروموسوم Y، كما يحتوي على ما يقرب من 1150 جينا، وهي سلاسل طويلة من المواد الجينية التي تنتج بروتينات أساسية لعمل الخلية.
ولذلك فإن وجود نسب أكبر من كرومسوم إكس، يجعل النساء تنتجن أضعاف عدد البروتينات الموجودة لدى الرجال.
وتختار الخلايا الأنثوية، لدورة حياتها، كروموسوما واحدا فقط وهو “إكس”، ويجري “تعطيل” نشاط النسخة الثانية بشكل عشوائي، وهذا يعطي ميزة للإناث، ويجعل من الصعب إصابتهن بمسببات الأمراض بخلاف الرجل.
3- تعطيل الخلايا النشطة
ونقلت “بي بي سي” عن دراسة أجراها باحثون في معهد الطب الجزيئي بجامعة هلسنكي، نُشرت عام 2017، قولهم إن هناك تعطيل غير الكامل لكروموسوم “إكس” يؤثر على نحو 23 في المئة من جينات الكروموسومات “إكس” في جسم الإنسان.
ويساعد هذا التعطيل غير المكتمل أو النشط النساء على تجنب عدد كبير من الأمراض الوراثية بخلاف الرجال.
ولا تفسر هذه الاختلافات فقط طول عمر المرأة، بل يفسر أيضا فرص بقاء فتيات رضع مبتسرات على قيد الحياة في وحدات العناية المركزة، وعدم بقاء الذكور على قيد الحياة.
كما أشارت دراسات أخرى إلى أن الفتيات يبقين على قيد الحياة في وحدة الرعاية الفائقة لحديثي الولادة على نحو أفضل بفضل نضج رئاتهن مبكرا، الأمر الذي يوفر لهن حماية من تطور أمراض الجهاز التنفسي، الذي يعد أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في فترة حديثي الولادة.
4- الهرمونات
وهناك عوامل أخرى يمكن أن تفسر ارتفاع وفيات الرجال بصورة أكبر عن النساء، مثل الهرمونات.
حيث يربط العلماء المستويات العالية من هرمون التستوستيرون، هرمون الذكورة، بالسلوكيات المحفوفة بالمخاطر وضعف الاستجابة المناعية لدى الرجال بعد التطعيم ضد الإنفلونزا.
بينما يتميز هرمون الإستروجين، هرمون الأنوثة، بخصائص مضادة للالتهابات ويعزز الاستجابة المناعية للجسم.