بدا لافتا في خضم الازمة السياسية – الحكومية المستفحلة التي تجرجر ذيولها منذ أشهر، العصية على كل مبادرات الحل، المحلية منها والخارجية، وعلى كل الوسطاء مهما علا شأنهم ووزنهم الوطني والدولي، ذهاب رئيس مجلس النواب نبيه بري نحو فتح اوراق قانون الانتخاب من جديد ووضعه على مشرحة المجلس ولجانه منذ اسابيع قليلة.
خطوة الاستيذ حينها، أثارت استنفارا سياسيا عابرا للاصطفافات التقليدية، فالتقى التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على محاربتها، كون البديل من القانون الحالي سيخلّ بقوة في ميزان التمثيل النيابي لصالح “المسلمين” والشيعة منهم تحديدا، بما أنهم المكوّن الاكبر ديموغرافيا اليوم.
لكن ما يثير القلق، بحسب ما تقول مصادر سياسية “مسيحية”، فهو نية موجودة لدى الرئيس بري باعادة وضع الملف على الطاولة بعد إحباط محاولته الاخيرة على يد “الثنائي المسيحي” الذي تقارب “ظرفيا”.
أصلا، عين التينة لا تنفي اصرارها على تغيير القانون الحالي وهي ترى ان التغيير الكبير في البلاد يبدأ من هذا الباب. وموقف الرئاسة الثالثة هذا، ينبئ بمعركة سياسية محتدمة في الفترة المقبلة.
على اي حال، عيّنة من هذا الاشتباك دارت فصوله منذ يومين، وإن بقيت دائرته ضيقة. فقد غرد عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب أدي أبي اللمع الخميس عبر تويتر : “يقال أن الرئيس نبيه بري يرفض إجراء الانتخابات النيابية على أساس القانون الحالي، وهذا يعني انه لا يريد انتخابات.
إن إثارة موضوع قانون الانتخاب في هذا الوقت هو حجة للتملص من أي انتخابات مبكرة أو في وقتها انطلاقا من أوضاع 8 آذار الانتخابية المعروفة.
وسريعا، رد عليه عضو التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم مغردا ا”ذا كان البعض جادا في أن تكون الانتخابات في موعدها أو مبكرة، فما عليهم الا نقاش قانون الانتخابات سواء الاقتراحات الجديدة، أو ما يحتاجه القانون الحالي من تعديل ضروري، هذه رؤية وتوجه كتلة “التنمية والتحرير” منذ لحظة انتهاء انتخابات عام 2018، ولا يزايدن احد في حرصنا على الانتخابات وتطوير النظام لحماية لبنان.”
وبحسب المصادر، من غير المستبعد ان يواصل رئيس المجلس، خاصة في حال استمر التعثر في التأليف – في واقع سياسي لإيران دور كبير في استمراره – من غير المستبعد ان يكثّف ضغوطه للدفع نحو التخلص من القانون الانتخابي الحالي وإقرار آخر يعطي الثنائي الشيعي مكسبا سياسيا طال انتظاره، يكرّس تفوّقه العسكري والعددي على المكونات الاخرى ، فيعطيه حصة أكبر في كعكة المجلس النيابي، على شكل مثالثة واضحة او مموّهة.
وبذلك، يكون الثنائي حقق مبتغاه وجرّ الجميع الى مؤتمر تأسيسي او يستغني عن هذه الفكرة لأن القانون الذي يسعى اليه، يؤمن له التغيير في النظام والتوازنات المحلية، من دون الحاجة اليه!
وعليه، تحذر المصادر من توجّه كهذا قبل تسليم كل القوى التي تحمل سلاحا غير شرعي ترسانتها الى الدولة، وقبل التنفيذ الكامل لمندرجات اتفاق الطائف.
وتنبه من ان فرض تغيير القانون من دون ايجاد آخر يراعي حسن تمثيل الجميع، ستواجهه الاطراف المتضررة منه، بكل ما أوتيت من قوة، سياسيا وروحيا وشعبيا.. وربما أكثر، لان المسألة بالنسبة إليها مصيرية وجودية، مسألة حياة او موت، تتعلق مباشرة بمستقبلها ودورها في لبنان…