في ظل حالة الطوارئ التي تحصل في لبنان ومنع التجوّل التي تفرضه الحكومة اللبنانية، أثارت صور إنتشرت عبر مواقع التواصل الإجتماعي لشاحنات محملة في مادتي البنزين والمازوت إستياءً كبيراً من قبل المواطنين في ظلّ ما نعيشه من إنهيار إقتصادي وخسارة المصرف المركزي لإحتياطه من العملات الأجنبية.
ويتساءل المواطن عن دور الدولة وأجهزة الرقابة في ما يحصل من جريمة ترتكب بحقه، حيث أن التهريب الحدودي لم يتوقّف حتى الآن ويستنزف ما تبقى من إحتياط المصرف المركزي ليطرح علامات عدّة عن المسؤول والمتحكم في المعابر غير الشرعية.
وفي حديث خاص لـ”لبنان24″ مع النائب المستقيل إلياس حنكش إعتبر أن هذا الموضوع أصبح مخزيا، متسائلاً عن وجود الدولة قائلاً : “هل هناك دولة تفرض هيبتها وتضبط حدودها أم لا وجود لهذه الدولة؟
حنكش أشار إلى أنه عندما تكون المعابر معروفة بالأسماء، والمهربون معروفين والدولة لا تستطيع القيام بأي شيء مثلما هنالك مناطق معروفة أن المجرمين يفعلون عملتهم ويختبئون داخلها مثلما أيضاً تحصل معارك بين عائلتين ويختلفون على أمور سخيفة يستخدمون فيها الRPG والمضادات ولا تقوم الدولة بواجبها. هذا سببه أنها لم تفرض هيبتها.
من يتحمّل المسؤولية اليوم هي الدولة نفسها من الأمور الصغيرة للكبيرة، لماذا نلوم المواطنين عدم إلتزامهم إجراءات كورونا ولا توجد دولة تضبط ما يحصل ؟
وإستطرد حنكش بالمثل القائل “المال السائب يعلّم الناس على الحرام ” وهذا ما يحصل في الحدود لأن كل الدعم على المواد الأساسية يذهب من جيبة المواطن إلى أشخاص غير لبنانيين لا يدفعون الضرائب، مؤكدا أن ما يحصل هو مواجهة للمجتمع الدولي في كل مكوناته.
حصر السلاح بيد الدولة
وشدّد حنكش على ضرورة حصر السلاح في يد الدولة وأن نكون تحت سقف الدولة لأنه معروف أنه في حال كس هيبة الدولة الجميع سيستبيحها من أصغر تاجر ومهرب إلى أكبر زعيم سياسي، وهذا ما جعلها أن تكون أشبه بمزرعة.
وعن السبب الذي يمنع الدولة من تحمّل المسؤولية ، أكّد حنكش أن الدولة كسرت هيبتها مجرد أن قرار السلم والحرب ليس في يدها، ومجرد أنها لا تستطيع حصر السلاح في يدها، وأضاف : ” هناك أناس خارجون عن القانون ، والجهات والأجهزة الأمنيّة تستطيع فرض سلطتها في أماكن بينما في أماكن أخرى تتقاعس لأنها ترضخ إلى قوى الأمر الواقع التي فرضت نفسها على الأرض ” .
وردّا على السؤال حول تحميل “حزب الله” بطريقة غير مباشرة ما يحصل ، أجاب حنكش” : أحمّل المسؤولية للدولة التي عليها أن تضبط “حزب الله” وغيره لأن هناك تهريبا أيضاً في الشمال مثلما يحصل في البقاع، وبالتأكيد ليس “حزب الله” المسؤول في الشمال”. وتابع مشيراً إلى أن الحدود البحريّة والبريّة والمرافق والمعابر الرسمية وغير الرسمية تحت تأثير نفوذ “حزب الله” وكلنا نعلم من يسيطر على هذه الحدود، ولكنه في نفس الوقت يحمّل الدولة المسؤولية بأن تفرض هيبتها، ويحمّل الرؤساء الذين يعتبرون أنفسهم أقوياء أن يفرضوا هيبتهم في كل ما من كلمة من معنى إن كان على الحدود البقاعية أو الشمالية أو في أي مكان.
عن موقف الكتائب مما يحصل، إعتبر حنكش أنه في نظر الحزب أن لا طريقة للخلاص إلا في إعادة صياغة وإنتاج سلطة سياسية في لبنان، لأن الذي فشل في جميع الملفات لا يمكن أن تنتظر منه أن يعيد هيبة الدولة لأنها تراكم لممارسات وبناء عليها تعطي الثقة للشعب والمجتمع الدولي .
الحل الجذري
وتساءل قائلاً: “لماذا تأتي مساعدات للجيش إذا كنا لا نريد ضبط الحدود ؟ غدا نلوم أميركا والمجتمع الدولي لأنهم لم يستطيعوا مساعدتنا على ذلك قبل أن نساعد أنفسنا؟ وإستطرد حنكش مستعيناً بالمساعدات البريطانية للحدود اللبنانية من أبراج مراقبة ومعدات ليردّ على كل من سخّف كلام النائب سامي الجميل في الماضي عندما تحدّث عن ضرورة إقامة أبراج مراقبة في الحدود وأن يُستخدم فيها المعدات اللازمة .
وتابع حنكش متسائلاً: “كيف بدنا نكمّل ناخذ دعم من جهات غربيّة إذا لم نقم بواجباتنا في هذا الموضوع ؟ الأمور وصلت إلى أن المرفأ إنفجر، ولذلك الطبقة الحاكمة أثبتت فشلها في كل شيء، البيئة، الكهرباء، أموال الناس، الملف الصحّي ومن هنا لا يمكن أن نطلب منهم أن يصلحوا أي شيء، الحل الوحيد إعادة إنتاج هذه السلطة من خلال إنتخابات نيابية ينبثق عنها كل السلطات من رئاسة مجلس نواب، رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية .
وعن المشهد في الفترة المقبلة والمطلوب من الرئيسين عون والحريري أشار حنكش أن هؤلاء ما زالوا يختلفون على الحصص وفي نفس الوقت الناس تموت على أبواب المستشفيات، يختلفون على من يُمثل أمام القضاء وفي نفس الوقت هناك 200 ضحية و6000 جريح جرّاء إنفجار المرفأ. هم ما ما زالوا يعتقدون أنه بإستطاعتهم إصلاح الوضع الإقتصادي وفي الوقت نفسه أن ما حصل هو نتيجة تراكمات كاذبة ل30ـ سنة.
وأكّد حنكش أن الموضوع لا يعالج بالترقيع بل بالحلول الجذرية التي يجب أن نفرضها على الواقع اللبناني على رغم أنها من الممكن أن تكون مؤلمة ولكنها وبالتأكيد ستبني أملا للأجيال القادمة. وتساءل: هل يعقل أننا لم نستطع إعطاء الIMF رقماً صحيحاً للخسائر؟ هل يُعقل أن شركة التدقيق المالي هربت من لبنان؟ هل يعقل أن لا أميركا أو الجهات المانحة وخصوصاً الخليجية أصبحت غير مهتمة لأننا أصبحنا في مواجتهم حتى أن اللبناني لم يعد بإستطاعته الحصول على فيزا إلى الإمارات؟
وختم مشدداً على أن الحل الوحيد هو تغيير جذري وكل شيء غير ذلك هو تضييع للوقت، لأن الموضوع أصبح لا يحتمل حيث أن لبنان فقد هويته والإنسان لا يعيش في كرامته، خصوصاً بعدما ذهب جنى عمره وإوسرقت أمواله وفقد الثقة في القطاع المصرفي.