أظهرت الاتصالات السياسية التي سجلت في الساعات الماضية ان الازمة السياسية مستمرة حتى اشعار آخر، وان التفاؤل الذي اشيع عقب “لقاء الاربعاء” بين الرئيسين عون والحريري واتفاقهما على استكماله الاثنين، تبدد بشكل سريع بعد خطاب السيد حسن نصرالله، والرسائل الواضحة التي وجهها في كل الاتجاهات.
فعلى خط بعبدا، وطبقا لما اورد” لبنان 24″ مساء امس فان رئيس الجمهورية غاضب من الرئيس المكلف لانه يعتبر، وفق ما تقول مصادر مطلعة، ان الحريري اخلّ باتفاقهما على عدم التطرق بعد اللقاء الى موضوع عدد اعضاء الحكومة ، افساحا في المجال امام استكمال الاتصالات. وقد فوجئ عون ، بان الحريري اكد مجددا تمسكه بحكومة تكنوقراط من 18 وزيرا ، قاطعا الطريق مجددا على اي اجتهاد او تأويل.
وجاء خطاب الامين العام لحزب الله في اليوم التالي ليقلب الامور رأسا على عقب ويعطي دفعا لا لبس فيه لموقف رئيس الجمهورية والشروط التي حددها الاخير. وهذا الموقف المستجد جعل اللقاء المرتقب بين عون والحريري الاثنين، في حال عقد، محكوما بالمعطيات الجديدة التي وضعها نصر الله على الطاولة. وما الدخول السريع للنائب جبران باسيل على خط الاشادة بكلام نصرالله الا مؤشرا على انه سيحاول الافادة من جرعة الدعم التي منحه إياها “حزب الله” للتشدد في الموقف تجاه الحريري.
وتفيد المعطيات “ان اللواء عباس ابراهيم ووسطاء يعملون على بلورة اقتراح حكومي جديد يقضي بتطوير الصيغة الحكومية المعروفة التي قدمها الرئيس الحريري في التاسع من كانون الاول الفائت مع التزام بالبرنامج الاصلاحي وفق جدول زمني محدد، وتصحيح بعض الثغرات في شكلها ومضمونها لتكون اقرب الى المعايير التي وضعها عون، على ان يصار الى تسويق هذا الاقتراح قبل الاثنين.
اما على خط بيت الوسط فالصورة تبدو قاتمة لجهة احتمال التوصل الى حل، ولم تنزل “نصائح السيد نصرالله” الحكومية بردا وسلاما على اهل الدار، الذين اعتبروا ان السيد نصرالله تخلى عن “صفة الوسيط” وانحاز علناً الى حليفه التيار الوطني الحر، وأعطاه سبباً اضافياً للتشبّث بمطالبه وشروطه التي اعاقت تأليف الحكومة حتى اليوم.
وتفيد المعطيات ” ان من غير الوارد عند الحريري التخلي عن مضمون المبادرة الفرنسية التي انطلق منها ، أي تأليف حكومة من 18 وزيرا، يكون وزراؤها من الإختصاصيين غير الحزبيين من اجل ملاقاة المواصفات التي حددها المجتمع الدولي ومجموعة الدول والمؤسسات المانحة لمعاونة لبنان للخروج من المأزق القائم”.
وتفيد المعطيات ” ان الحريري ، منفتح تحت هذا العنوان، على النقاش الايجابي مع رئيس الجمهورية، وغير ذلك ليس واردا عنده”.
كل هذه المعطيات كانت مدار بحث في الساعات الماضية بين الحريري ورؤساء الحكومة السابقين انطلاقا من الحرص على اطهار الايجابية المطلقة للخروج بحل .
مصدر متابع لمجريات الامور لخص ما يحصل بالمعادلة الاتية: موقف الحريري صار أصعب بعد كلام نصرالله ، لانه لا يمكنه أن يتراجع عن طرح تشكيل حكومة اختصاصيين، والا فسيفسر موقفه بانه انصاع للضغوط. اما عون فسيواصل التشدد في موقفه من أجل الدفع لتشكيل حكومة سياسية وإذا لم يحصل ذلك فمن أجل دفع الحريري الى الإعتذار.
بالتوازي يبدو “الهم الاكبر “في قصر بعبدا ابعاد “التهمة” عن الرئاسة بالتسبب برفع سعر الدولار نتيجة العراقيل التي توضع في طريق الحريري لتشكيل الحكومة. وفي موازاة الحديث عن ضغوط كبيرة مورست على حاكم مصرف لبنان للتدخل ، استغرب مصدر حكومي اعلان قصر بعبدا في بيان متلفز عن اجراءات ينوي المصرف المركزي اتخاذها للحد من تراجع سعر الليرة قبل صدور قرار المجلس المركزي للمصرف الاسبوع المقبل .
وسأل المصدر هل دخل قصر بعبدا في منافسة اعلامية مع الجهات المعنية بالوضع المالي ، ام قرر استباق خفض سعر صرف الدولار قبل حصول اي تطور حكومي ، سواء كان ايجابيا ام سلبيا ؟
وبسخرية لاذعة قال المصدر”لم اعد استغرب ان نشاهد في وقت قريب اعلانا من قصر بعبدا باطلاق منصة لتحديد اسعار الخضار والفواكه وسائر السلع الاستهلاكية.