يمكن النظر الى مضمون المحادثات التي جرت بين الراعي وغوتيريس لتشكّل أول انذار فعلي الى الطاقم السياسي العاجز عن تلبية حاجات الناس ومطالبهم بحكومة فاعلة كاملة المواصفات الدستورية بمعزل عن اشخاصها وحصص اهل الحكم فيها وطريقة توزيع حقائبها. ولتكون حكومة مؤهلة لإعادة التواصل مع الدول والمؤسسات المانحة من اجل البت بالاصلاحات الموعودة التي تسمح بإعطاء السلطة الجديدة شهادة حسن سلوك دولية مطلوبة بإلحاح تمهّد الى نيلها إذن العبور الى مصادر التمويل سواء بالهبات او المساعدات المالية التي يحتاجها لبنان، ومن اجل الانطلاق في مسيرة الانقاذ والتعافي أياً كانت التحديات المطلوبة. فما تحمّله الشعب من ذل واحتقار، عليه ان يتحمّل بكل سرور مصاعب المرحلة المقبلة اذا وجد من ينير له الطريق في النفق المظلم الى الضوء مهما كان بعيداً.
على هذه القواعد، يتطلع من استطاع قراءة الإتصال ـ الحدث بين بكركي ونيويورك في شكله ومضمونه وتوقيته، علماً انه تزامن مع حراك أوروبي ودولي وأممي وضع ملف لبنان امام مجموعة المؤتمرات الاوروبية والعربية والدولية التي عقدت قبل ايام وتلك المنتظرة في الساعات المقبلة بمعزل عن محاولة استثمار بعض المحطات الداخلية ديبلوماسية كانت ام سياسية. فهي لا تقاس بحجم ما تشهده المنطقة من مشاريع تفاهمات اتفاقيات وتحولات قد تطيح بالوطن الصغير الى مرحلة لا يعود ينفع فيها الندم، وتظهر سخف الادعاء بانتصارات صغيرة ووهمية لا تطعم فقيراً ولا توفر مأوى لمواطن اقترب من فقدان الامل بيومه ومستقبله.