رمضان الفيحاء عبق من الماضي والحاضر

17 أبريل 2021
رمضان الفيحاء عبق من الماضي والحاضر
وفي رمضان وبعد أن تهدأ الساحات ويلوذ الساهرون أو المتعبدون ببيوتهم يتلمسون ساعات قليلة من الراحة قبل موعد السحور، يخرج المسحراتي ليجول في الشوارع والازقة والحارات، منشدا مهللا في ظاهرة ما عادت عادية أو أهلية بمحلية. فالمسحراتي صارت مهنة في بلادنا، يسعى من خلالها حامل الطبلة لبعض مال يجيبه من الصائمين، لا سيما منهم الذين يتواعد معهم كل يوم على مهمة ايقاظهم، فيقف عند أبواب بيوتهم مناديا حتى يأتيه الصوت من الداخل بأن رب البيت المقصود قد استيقظ فعلا وباشر بدوره في مهمة إيقاظ أفراد أسرته. وتنشأ هنا  علاقة وجدانية جميلة بين المسحراتي والعوائل خاصة في الأحياء الشعبية حيث يعرف الناس بعضهم فلا غريب إلا الشيطان . 

ومن رواد هذه المهمة من غادر إلى دار البقاء “أبو طلال”، ومن لم يكن يعرف هذا الرجل في طرابلس، في رمضان وغيره ونستحضره هنا ظاهرة مميزة في المدينة  لفتت في مناسبات مختلفة، من افراح وغيرها، غير الطرابلسيين، وقد خصه المطران جورج خضر بمقال في صحيفة “النهار” تناول براعته وحضوره . 

وأبو طلال تولى من بين المهام التي اضطلع بها مهنة المسحراتي، وكان يطوف بين شطري المدينة القديمة والجديدة فلا يدخل شارعًا إلا ونادى من فيه بالاسم . 

وفي وسائل الإعلام المختلفة حل أبو طلال، رحمة الله عليه، ضيفًا تحدث عن عمله الذي ورثه عن والده والذي امضى فيه اكثر من خمسين عاما. وقال أبو طلال في مناسبات عدة، المسحراتي مهنة مودة وحنين وعلاقات وطيدة مع الناس، متحدثا  أنه ما جال في حي إلا ويعرف من يسعى في ايقاظهم فيسميهم بالاسم واحدا واحدا.  أما مع أهل السياسة فهو تمتع بنفس الميزات لجهة التواصل والمعرفة الوطيدة بهم. كما يسرد كيف أنه أيقظ في مواسم متعاقبة من ليالي رمضان شخصيات طرابلس المرموقة من أهل السياسة والمال منهم الرئيس رشيد كرامي والحاج أكرم عويضة رجل الخير المعروف، ثم الرئيس عمر كرامي . 

ولفت أبو طلال في مناسبات عدة إلى العلاقة القوية التي ربطته إلى سياسيي تلك المرحلة، أي إبان الستينات والسبعينات، كذلك الحال في ايامنا هذه كالرئيس نجيب ميقاتي والوزراء سمير الجسر فيصل كرامي ومحمد كبارة ومحمد الصفدي، وقد رصدته العدسات عند بيوتهم مناديا على أسمائهم في ليال عدة من الشهر الكريم