يصطف أهالي البقاع، شرقي لبنان، في طوابير أمام محطات الوقود التي تعمد إلى تقنين بيع مادة البنزين بكميات لا تتعدى قيمتها الـ 15 ألف أو 20 ألف ليرة لبنانية، في الوقت الذي تقفل فيه باقي المحطات أبوابها أمام المواطن بسبب نفاد المحروقات لديها، على حد تعبير أصحابها.
معاناة تعبئة مادة البنزين تمتد إلى باقي المناطق اللبنانية، وتتفاقم هذه الأزمة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بالبلاد.
ولأزمة المحروقات مشكلة أساسية وفقا لما قاله الصحفي المتخصص بالشأن الاقتصادي خالد أبو شقرا لوكالة “سبوتنيك”، ألا وهي عدم فتح اعتمادات كافية لاستيراد مادة البنزين من الخارج.
ووأضاف أبو شقرا: “طبعاً اليوم، أعلن وزير حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر في اجتماع في السراي بأن مادة البنزين تهرب إلى سوريا، هذا من جهة، ومن جهة ثانية بدل أخذ القرار بترشيد استيراد مادة البنزين وبتخفيض الدعم عنها ألقوا المسؤولية على مصرف لبنان، وكلنا نعلم أن المصرف المركزي لم يعد لديه احتياطات إلزامية كافية للاستيراد من الخارج، وبالتالي أصبح يؤخر أو يؤجل فتح الاعتمادات اللازمة وبالتالي أصبح لدينا نقص كبير في مادة البنزين في الأسواق”.
ولفت أبو شقرا إلى أن “السبب الثاني هو أن بعض الشركات والمحطات يقال بأن لديها مشتقات نفطية ومازوت في خزاناتها، ولكنها عندما استشعرت بأن رفع الدعم أصبح قريباً توقفت عن البيع لكي تحقق ربحا أكبر عند رفع الدعم، بالإضافة إلى تهريب مادة البنزين إلى سوريا عبر المافيا المتحكمة بهذا الموضوع، وبشكل تفريغ سيتارنات بين الجانبين اللبناني والسوري، وهي عملية منظمة ومعقدة وفيها أسماء كبيرة، وبالتالي هذا الأمر لا يمكن توقيفه ولا بأي شكل من الأشكال، كما أنه لا يجب نسيان تقلبات سعر صرف الدولار الذي يؤثر على ربح أصحاب المحطات، كل هذه العوامل تؤدي إلى عدم وجود مادة البنزين”.
ورأى أبو شقرا أنه “لا توجد رقابة جدية من قبل وزارة الاقتصاد التي ليس لديها عدد كاف من المراقبين للقيام بالمراقبة على كل الأصعدة، هذا بالإضافة إلى عدم وجود صلاحيات لأخذ إجراء مباشر بحق المخالف”، مؤكداً أن هذه المشكلة ستستمر طالما أن الدعم موجود، وتتوقف عند رفع الدعم، ولكن حينها تعبئة البنزين والمازوت لأشخاص محددين وليس لكل المواطنين لأنه سيرتفع سعرها بشكل كبير جداً.
ويشكو أصحاب المحطات من نفاد المحروقات لديهم وعدم حل الدولة اللبنانية لهذا الموضوع، ويقول صاحب محطة للمحروقات أبو غيث الحاج أحمد لوكالة “سبوتنيك”، إن “مشكلة المحروقات في البقاع تقسم إلى شقين، الشق الأول، المحطات التي لا تأخذ حصص من الشركات، والشق الثاني، التجار أو ما يسمى بالموزعين يعملون على استغلال هذه الفرص التي هي التجارة المعروفة في البقاع لدينا وهي التهريب إلى سوريا”.
وأشار إلى أن “وزارة الاقتصاد تتجه إلى المحطات الفقيرة الذين يربحون ألفين أو ثلاثة آلاف ليرة في تنكة البنزين…لا تلحقوا الصغار وتتركوا الكبار وهم معروفون في السوق، على الدولة حل هذه المشكلة”.
وأضاف أبو غيث قائلاً:”الجميع يعلم أنه عند دفع ثمن البضاعة سوق سوداء تستطيع الشراء بأسعار غالية، وبأسعار رسمية لا تستطيع الشراء، والدخول إلى الشركات لا يتم إلا عبر وزراء ونواب تابعين للشركات، وأنا كصاحب محطة إذا أردت القيام بعقد مع أي شركة في لبنان، لا تقبل أن تقوم بعقد لسبب أنها تبيع سوق سوداء وهي تحكمني وتحكم غيري، أما المحطة التي ليس لديها لوحات شركات أو باسم شركات لا تستطيع أن تأخذ بضاعتها وإذا كانت المحطة موقعة عقد مع الشركة إذا كانت تأخذ بالأسبوع 40 ليتر بنزين و 40 ليتر مازوت اليوم تأخذ 5 ليترات بنزين و 5 ليترات مازوت بالأسبوع”.