الكوش : هناك قلق من بروز مشاريع طائفية تهدد بتقسيم لبنان

3 مايو 2021
الكوش : هناك قلق من بروز مشاريع طائفية تهدد بتقسيم لبنان
عبد معروف

تزداد الأوضاع في لبنان صعوبة وتوترا، ولا يبدو أن هناك حلول في الأفق ، فالأطراف تتخندق خلف مواقفها ، وتستند بالعوامل الخارجية لتعزيز موقعها، ولكل من هذه الأطراف مواقفه من الأزمة وطريقة معالجتها.

وأمام هذا الواقع، يتعرض لبنان للانهيار المالي والاقتصادي وترتفع نسبة الفقر والتسول والبطالة، ما يهدد بانهيار أمني لا يمكن التنبؤ بمشهده اليوم، وأمام هذا الواقع، “بيروت نيوز” التقت عمر الكوش منسق عام تيار “المستقبل” في بيروت وأجرت معه هذا الحوار :


+ هل تعتقد أن لبنان بخير ؟


= لبنان بحاجة الى شخصيات تتلقف حلول خارجية وفي نفس الوقت يكون قلبها على الداخل اللبناني بشكل ايجابي، كما كان يفعل العديد من الرؤساء وصولا الى الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي كان يستخدم أي مفاوضات على مستوى إقليمي أو دولي لمصلحة لبنان، لا أن يكون لبنان مجرد ورقة في هذه المفاوضات، من هنا نؤكد أن لبنان ليس بخير ولبنان في وضع متعب جدا وكذلك الواقع اللبناني موجع جدا .

نحن حاليا نرى تحلل و تفكك الدولة اللبنانية لمصلحة انشاء كانتونات.

لا نستطيع انكار أننا أمام واقع صعب ومرير، اذا لم تستطع الدولة اللبنانية أن تواجه ما يعانيه اللبنانيون من فقر، من الطبيعي ان يكون هناك مجموعات تواجه هذا الفقر وتعمل على مساعدة الناس، ولكن عندما تحل هذه المجموعات مكان الدولة في حل الازمات الاقتصادية و المعيشية تصبح هذه المجموعات هي من تملك قرار أجزاء من الشعب اللبناني وهنا تكمن الخطورة لان هذه الظاهرة هي بداية تفكك وتحلل الدولة وفي حال استمرار الوضع على هذا النحو من الانزلاق سنصل بالتاكيد الى تفكك هذه الدولة، بل أكثر من ذلك سنصل الى اعلان فشل هذه التجربة الديمقراطية و هذا التعايش في هذا الشق، وهذا يكون أسوأ إعلان.

الصيغة اللبنانية وإعلان فشل التركيبة اللبنانية القائمة على التعايش من جهة ومن جهة اخرى على محاصصات طائفية واعلان هذا الفشل يؤدي الى بروز مشاريع تقسيمية طائفية فيدرالية لا تشبه لبنان الذي نعرفه .


+انعكاس الوضع الاقليمي و الدولي يؤثر على الوضع الداخلي اللبناني، ولكن الا تعتقد أن الوضع الداخلي في لبنان من فساد والذهنية الطائفية المسيطرة هي عامل من عوامل استعصاء الأزمة اللبنانية؟


= النظام الطائفي موجود في لبنان ولكن الفساد أمر مستجد على هذا النظام وتقسيم المراكز الاساسية الثلاث في الدولة اللبنانية على الطوائف ( رئيس الجمهوية مسيحي ، رئيس مجلس الوزراء مسلم ، رئيس مجلس النواب شيعي) هذا لا يعني أن هناك فساد .كان هناك عقد اجتماعي بين اللبنانيين أنشىء كيان لبناني، من صيغة 1943 وصولا الى اتفاق الطائف، ولو كان لدينا من يعمل وينتمي الى مجموعة واحدة تسمى الكيان اللبناني وجميعها يعمل من أجل اعلاء شأن هذا الكيان، كان هذا الامر مفيد وايجابي.

الغاء السياسية الطائفية لا يؤدي الى الغاء الطوائف، الطوائف موجودة ولكن حين يعلو الحس المدني نتيجة قوانين تلغي هذا التوتر الطائفي عندها يهبط الحس الطائفي، هذه الفكرة التي كان يعمل عليها الرئيس الشهيد رفيق الحريري وهي شعور الطوائف بالامان وانتمائها الى دولة تخدم الجميع بشكل متساوي ، لا فرق بين المواطنين، عندها الحس الطائفي ينحدر.
حين نُضعف الكيان اللبناني و وجود الدولة اللبنانية وسيطرتها على الازمات الاقتصادية و السياسية نجعل في المقابل الحس والتقوقع الطائفي والمذهبي وراء جهات حزبية أو غير حزبية هو السيف الذي سيطيح بالدولة .

المسؤول السياسي اللبناني يجب أن يكون خط الدفاع الاول في جعل مفهوم الدولة هو الأعلى والأسمى، ليجعل الطوائف في حالة ارتياح و اطمئنان وتنسجم وتقترب اكثر من الدولة، ما نراه اليوم من فشل حكومة في مواجهة أزمات وفشل رئاسي أيضا وعجز في الكتل النيابية في إقرار قوانيين عصرية، كل هذا الضعف والتخلف في الاداء في المراكز الدستورية الثلاث في تكوين السلطة مقابل بروز وهج الاحزاب الراديكالية الطائفية التي تقول لمجتمعها أنها مستعدة أن تخدمه وتؤمن كافة احتياحاته وأيضا لديهم أمن ذاتي و قضاء ذاتي .

من يقرأ يعلم أن لا دولة دينية في الاسلام ، الدولة المدنية هي التي كانت قائمة منذ مجيىء الرسول الكريم وظهور الاسلام وهناك مقولة ( لا فرق لعربي على اعجمي الا بالتقوى )، أنا لا اؤمن بوجود دولة دينية في الاسلام .

لذلك، لبنان ليس بخير بسبب استخدام العناوين الدينية والطائفية لإبعاد مجموعات من اللبنانيين عن مفهوم الدولة وليس بسبب الدين، وقد بدأت مظاهر التفكك بالظهور عند قيام جماعات حزبية بدور الدولة في حماية وتأمين مجتمعها من الناحية الاقتصادية والامنية.

نحن في تيار المستقبل منذ مدة ونحن نعمل نقد ذاتي لمحاسبة أنفسنا ، نحن حزب ليبرالي أنشىء حديثا نتيجة جريمة كبرى وهي استشهاد الرئيس رفيق الحريري.


المعلم الحقيقي هو من نتعلم منه في غيابه وليس في حضوره.


كان هناك الكثير من الزعماء المعلمين أمثال كمال جنبلاط وآل الجميل والكثير من الرؤساء وايضا علماء جبل عامل الذين كان لهم تأثير على القومية العربية في جنوب لبنان، الذي كان يعتبر خزان لبنان من اليساريين والقومين العرب.

تيار المستقبل يقوم اليوم، بمراجعة ذاتية لكل هذه التجربة التي امتدت مدة 15 عاما بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، نحن حزب لبناني و نريد لبنان ولدينا أعضاء من مختلف الطوائف، نحن نشكل وعاء فكري وتنظيمي لكافة شرائح الشعب اللبناني، كما اننا لا نستغل وجود المسيحي في تيار المستقبل لنثبت أننا حزب ليبرالي منفتح، وهذا التنوع الطائفي داخل التيار هو أمر طبيعي من أجل صورة لبنان، لبنان الرسالة للعالم الغربي و العربي كي لا يتخلوا عن لبنان .


+بماذا يفكر تيار “المستقبل” لانقاذ هذا البلد ؟


= سنبقى خلف الرئيس سعد الحريري بمبادراته وبسعي داخلي واقليمي دولي لانقاذ هذا البلد، وهذا مبني على المبادرة الفرنسية التي نتمسك بها كما تمسك بها جميع الفرقاء، ولسنا نحن من خرج من اتفاق قصر الصنوبر الذي قام برعايته الرئيس الفرنسي، بل نكاد نكون الفريق الوحيد الذي ما زال متمسك بطبيعة و حقيقة المبادرة الفرنسية الانقاذية التي تهدف الى انقاذ لبنان و وقف الانهيار .


+هل لديكم القدرة على المواجهة ؟


= بالمبدأ العام التخريب أسهل من الاعمار، والتخريب يواجه بالاصرار والدستور واتفاق الطائف وليس الانكفاء والاستسلام.

نحن لسنا هواة سلطة بل نحن حراس البلد وأحد أعمدته ومن هذا المنطلق وهذا الواجب الوطني تقوم تحركات الرئيس سعد الحريري الاقليمية والدولية والمحلية كذلك زيارته مؤخرا الى الفاتيكان وايضا زيارته الى روسيا واتصالاته الفرنسية والاميركية وسعيه مع دول الخليج لا سيما الامارات العربية المتحدة .هناك انسجام طروحات الرئيس سعد الحريري مع كافة الافرقاء الاقليميين والدوليين، نحن غايتنا انقاذ لبنان ولكننا نواجه تعنت وهدفه واضح وهو افشال دور الرئيس سعد الحريري لغايات تتعلق بالانتخابات الرئاسية القادمة، وهذا الاداء يدمر ما تبقى من فترة زمنية لهذا العهد ويدمر أيضا تجربة سياسية محفورة بذاكرة اللبنانيين.

علينا التأكيد بأن التيار الوطني الحر وإن اختلفت معهم بالسياسة،هم مجموعة نضالية ،ناضلت خلال سنوات ماضية، وبعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري، ولكن حصل امرا طرأ على هذه القيادة واخذتها من مكان الى مكان آخر لا يشبه لبنان ولا يشبه أرضية وتاريخ هذا التيار .

نحن في تيار المستقبل نقوم بتقييم تجربتنا، واذا كانت تجربتنا قياسا بقية الاحزاب تعتبر في مرحلة الجنين ، استشهاد الرئيس الحريري كانت انطلاقة الحزب وتجربة الرئيس الشهيد هي تجربة اعمار و اعلاء شأن لبنان وتعليم 38000 طالب واحتواء الفسيفساء اللبنانية .


+من يسيطر على بيروت اليوم؟


= اليوم هناك تواجد كبير ومقبول للجيش اللبناني و قوى الامن الداخلي على الارض، ولكن المشكلة عندما يتم طرح عناوين سياسية في الشارع، عندها يصبح العبىء كبير على القوى الامنية . آخر عام 2019 وعندما شعرنا أن رغبة الشعب في استقالة الحكومة، لم يتردد للحظة الرئيس سعد الحريري في تقديم الاستقالة .

الشارع ممسوك امنيا في هذه المرحلة، لكنه يمر بحالة احتقان سياسية مع تفشي النعرة الطائفية والمذهبية، ويجب أن يكون الشارع ممسوك من قبل القوى الامنية و المرجعيات الامنية والسياسية والوطنية، لان لعبة الشارع خطيرة، بالإمكان إشعال الشارع ولكن في لحظة لا تستطيع السيطرة عليه وقد تنقلب الأمور على الفريق الذي أشعله .

المصدر خاص بيروت نيوز