تحتدم المواجهة السياسية والشخصية بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل فيما البلد يكاد يلفظ انفاسه الاخيرة بانتظار حكومة تمنحه بعضا من الاوكسجين يبقيه ويبقي شعبه على قيد الحياة.
يبدو ان باسيل بدأ بمحاربة الحريري بسلاحه، فالرئيس المكلف كان استفاد من العقوبات المفروضة على باسيل والحصار الخارجي والعزل الداخلي الذي يواجههما لاشاعة اجواء في كل الدول التي زارها والتقى قياداتها بأن الرئيس ميشال عون والنائب باسيل هما المسؤولان عن تعطيل تشكيل الحكومة التي لن يوقع عون مراسيمها قبل حصول فريقه السياسي على الثلث المعطل.
لم يقف باسيل مكتوف الايدي حيال الاتهامات الحريرية، بل نظم اكثر من هجمة مرتدة بدأت بالدعم الذي وفره له صديقه وزير الخارجية الهنغاري سيارتو الذي حضر الى لبنان في زيارة خاصة، ثم حطت في روسيا التي سعى باسيل عبرها تسجيل عدة اهداف في مرمى الحريري، قبل ان يرفع الحكم الروسي “راية التسلل” في وجه باسيل، مؤكدا ان هجماته غير مطابقة للمواصفات التي تطلبها موسكو.
حاول باسيل اقناع القيادة الروسية بأن الحريري هو من يعطل تشكيل الحكومة نتيجة لعلاقته المتوترة مع الامير محمد بن سلمان الذي لم يعط حتى الان الضوء الاخضر له، وانه ليس رجل المرحلة خصوصا ان التطلعات الروسية لجهة عودة النازحين التي يدعمها التيار الوطني الحر وترسيم الحدود مع سوريا يتطلب تعاونا وتنسيقا مع القيادة السورية والحريري يرفض اي تعاط مع السوريين.
كذلك حاول باسيل اقناع القيادة الروسية بأن تمسك رئيس الجمهورية بالثلث المعطل وبتسمية الوزراء المسيحيين يدخل في صلب حماية الوجود المسيحي في الشرق، والحفاظ على دور الرئيس المسيحي في لبنان.
لكن يبدو ان باسيل لم ينجح في تسويق فكرته، حيث جاء بيان الخارجية الروسية لينسف كل الجهود التي بذلها لجهة تأكيده بان روسيا تتطلع الى تشكيل حكومة من الاختصاصيين برئاسة سعد الحريري.
سارت الرياح الروسية بعكس ما اشتهت السفن الباسيلية، كما تركت زيارة صديقه الهنغاري المتطرف الداعم الاول للعدو الاسرائيلي في اوروبا لتطرح سلسلة علامات استفهام في صفوف حلفائه خصوصا ان خطوة باسيل ترافقت مع عدم توقيع الرئيس عون لتعديل مرسوم ترسيم الحدود البحرية مع العدو الاسرائيلي لارضاء الولايات المتحدة الاميركية وذلك في اطار السعي الحثيث لرفع العقوبات او تخفيفها عن باسيل.
تشير المعلومات الى ان كثيرا من الدول التي زارها الحريري كانت اقتنعت بمسؤولية باسيل عن التعطيل والعرقلة، لكنها بدأت مؤخرا تشعر بان الحريري يتعاطى مع ملف تشكيل الحكومة بكثير من الشخصانية وهو بالتالي بات بشكل او بآخر يحمل جزءا من المسؤولية في التعطيل، خصوصا ان عملية التأليف تحتاج الى تنازلات من كل الاطراف.
يمكن القول إن باسيل عمل على تجميل الثلث المعطل بشعار تسمية الوزراء المسيحيين بما يجعل الثلث زائدا واحدا “تحصيل حاصل”.
لذلك فإن البحث المحلي والدولي يتركز اليوم على كيفية تسمية الوزيرين المسيحيين في حكومة الـ24، حيث يتم التداول بأكثر من صيغة فإما ان تتم تسميتهما من النواب المستقلين بحسب طرح نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي، او ان يكون الاتجاه الى تسمية وزيرين مسيحيين “ملكين” بضمانة البطريرك بشارة الراعي والفاتيكان وبدعم فرنسي وروسي، وفي كلا الحالتين سيكون باسيل “خالي الوفاض” ولن يستطيع عبر هجماته المرتدة تسجيل هدف الثلث المعطل..