مضى ما يقارب السبعة اشهر على تكليف الرئيس سعد الحريري مهمة تشكيل حكومة جديدة بعد إستقالة حكومة حسان دياب بفعل تداعيات إنفجار المرفأ. وعلى رغم هذه المدة الطويلة على التكليف لم يستطع الحريري فكفكة العقد التي تعترض مسار التأليف، وإن كان بعض هذه العقد قد أصبح مصدرها معروفًا، وهذا ما أكدّه رئيس تيار “المستقبل” على أثر لقائه قداسة البابا فرنسيس، عندما ربط بين عقد الداخل والخارج عبر شخص الوزير السابق جبران باسيل، الذي يبدو هذه الأيام، وعلى غير عادته، غير متحمّس للإنسياق وراء بالون إختبار إعتذار الحريري، وإن كان يتمنى حصول ذلك اليوم قبل الغد.
لماذا لا تبدو الحماسة على باسيل حيال التسريبات عن إمكانية الاعتذار؟ ولماذا أعطى تعليماته للدائرة المحيطة به بعدم الذهاب بعيدًا في المراهنة على هذا الأمر، أقّله وسط ما تناهى إليه من معلومات تفيده بأن الحريري لن يقدم على هذه الخطوة بالسهولة التي يتصورّها أو يتمناها بعض أخصامه السياسيين، لأن الأمر، في رأي باسيل، وكما يُنقل عنه، أبعد من مجرد إعتذار، وأبعد من مجرد ما يُحكى عن ضغوطات خارجية عليه.
وفي رأي بعض المقربين من باسيل أن التلويح بالإعتذار ليس سوى مناورة من أجل كسب المزيد من الوقت، وهذا ما يحاول تكتل “لبنان القوي” التذكير به في كل مرة يصدر فيه بيان عن الأوضاع العامة، إذ يستهله بالإشارة إلى ما لا يقوم به الرئيس المكلف من جهود بهدف عرقلة التأليف.ويرى هؤلاء أن الأخبار المسرّبة عن نية الحريري بالإعتذار ليس سوى ذرّ المزيد من الرماد في العيون، وهي محاولة مكشوفة، لذلك يتعاطى معها باسيل من منطلق أنها بالون إختبار ليس إلاّ.من جهة أخرى، ووفق ما تعتبره مصادر سياسية محايدة جولة جديدة من معركة “عضّ الأصابع”، لا ترى أن الإعتذار في هذا التوقيت بالذات قد يؤدي إلى حلّ عقدة تشكيل الحكومة، بل ربما ستزيدها تعقيدًا، والدليل ما شهدته مرحلة ما قبل تكليف الحريري، الذي إعتبر نفسه في حينه أنه مرشح طبيعي لرئاسة الحكومة.فالعقدة الحكومية، كما تراها تلك المصادر، في مكان آخر، وهذا ما بات واضحًا من خلال لعبة شدّ الحبال في المنطقة قبل أن يتمخض الجبل، وقبل أن يلد ربما فأرة في أمكنة كثيرة في الأقليم، ومن بينها بالطبع لبنان، الذي يبدو بـ”فضل” الصراعات الداخلية بين ابنائه، الحلقة الأضعف والمغلوب على أمره في المعادلات والتسويات الكبرى.في مثل هذه الأجواء، يقول بعض الدبلوماسيين العرب الخبراء في الشأن اللبناني الداخلي إن لا حلول قريبة بالنسبة إلى الوضع العام في لبنان، وبالتالي بالنسبة إلى الوضع الحكومي في إنتظار ما سترسو عليه المفاوضات الجارية على أكثر من صعيد، وبالأخصّ بالنسبة إلى السياسة الجديدة التي تنتهجها المملكة العربية السعودية تجاه الوضعين الإيراني والسوري، في ظل الحركة الأميركية الجديدة، والتي من المتوقع أن تظهر نتائجها في المدى المنظور.