كثر الحديث في الاسابيع القليلة الماضية عن خطوة ينوي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، اتخاذها في اعقاب عيد الفطر، لمحاولة كسر الرتابة الحكومية.
وبالفعل، تحرّكت بعبدا امس وراسلت مجلس النواب، طالبة منه اعادة النظر في تكليفه سعد الحريري عمليةَ التأليف بعد ان طال الانتظار، ولم تأت الحكومة… في نص رسالته الى البرلمان، رأى رئيس الجمهورية ان التأخير في تشكيل الحكومة انسحبت مفاعيله على الاستقرار السياسي والأمان الصحي والاجتماعي والاقتصادي والمالي والخدماتي العام وحال دون المعالجة الناجعة لملفات حساسة(…) وجزم عون ان “اصبح من الثابت ان الرئيس المكلف عاجز عن تأليف حكومة قادرة على الإنقاذ والتواصل المجدي مع مؤسسات المال الأجنبية والصناديق الدولية والدول المانحة، ولا يزال يأسر التأليف بعد التكليف ويؤبده كما يأسر الشعب والحكم ويأخذهما معا رهينة مساقة إلى الهاوية متجاهلا كل مهلة معقولة للتأليف”.
رئيس الجمهورية اعتبر ايضا ان “لا محال من التقيد بالنهج الواجب والمعهود في تأليف الحكومات وهو نهج يفترض تبيانا واضحا لا لبس فيه للكتل البرلمانية المشاركة في الحكومة أو الداعمة لها (…) كما اكد عون على ضرورة احترام الكتل البرلمانية خلال التأليف، كي تتمكّن الحكومة العتيدة من نيل الثقة، مذكّرا بأهمية احترام صلاحيات رئيس الجمهورية في التشكيل حيث ان دوره لا يقتصر فقط على توقيع مرسوم التأليف كما يظن رئيس الحكومة، بحسب الرسالة.
فهل يُمكن لهذه الخطوة الرئاسية ان تسهّل ولادة الحكومة العتيدة؟ بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، العكس هو المتوقّع، فهي ستزيد الاجواء التشكيلية تلبدا وتوتّرا.
ففيما ردّ عليها الحريري بكلامٍ قاس لا يخلو من التحدّي قائلا “رسالة رئيس الجمهورية الى مجلس النواب إمعان في سياسة قلب الحقائق والهروب الى الأمام والتغطية على الفضيحة الدبلوماسية العنصرية لوزير خارجية العهد تجاه الأشقاء في الخليج العربي… وللحديث صلة في البرلمان”، تشير المصادر الى ان الرسالة التي لم تحمل في الحقيقة ايَّ جديد يُذكر من حيث “المضمون” – اذ كرّرت وجهة نظر بعبدا والتي بات الجميع يعرفها، من عملية التأليف ومن دور وصلاحيات رئاسة الجمهورية فيها، ومن ضرورة احترام الميثاقية وحقوق الطوائف وأحجام الكتل في التركيبة العتيدة – تُعتبر “مزعجة” للرئيس المكلّف من حيث “شكلها”، اذ “تدينه” وتحمّله، امام البرلمان مجتمعا هذه المرّة، مسؤوليةَ عدم وجود حكومة، وتتّهمه بالتقصير وبتجاوز الاصول الدستورية، وكأنها تضعه في “قفص الاتهام” امام النواب…
لكن بحسب المصادر، الرّجل سيخرج “بريئا” “منتصرا” من البرلمان –وربما أقوى- اذ من المرجّح ألا ينتج عن هذه الرسالة اي شيء عمليّ.
فالتكليف لن يُسحب من الحريري، كون الكتل الاساسية التي سمّته، بغالبيّتها، متمسّكة بتكليفه، من “التنمية والتحرير” الى “اللقاء الديموقراطي” وصولا حتى، الى “الوفاء للمقاومة”…
على اي حال، تشير المصادر الى ان الرئيس المكلّف لا يزال حتى الساعة، يحظى بدعم بيئته وقياداتها السياسية والروحية، كما انه المرشح المفضّل في عيون الروس الذين باتوا يتعاطون معه كـ”رئيس حكومة لبنان”، وفي نظر مصر ايضا، وقد اعلن رئيسها عبدالفتاح السيسي من باريس مطلع الاسبوع “تأييدَه لحكومة اختصاصيين برئاسة الحريري”.
امام هذه المعطيات المحلية والخارجية التي يعرفها الفريق الرئاسي جيدا، هل يملك العهد بديلا جديا من الحريري؟ ام ان رسالته الى المجلس ومساعيه لسحب التكليف من زعيم “المستقبل”، هما لاطلاق مسار تعديل الدستور بما يرضي الثنائي الشيعي، أو لتبرئة صفحة بعبدا وميرنا الشالوحي من التأخير الحاصل في التأليف، تماما كما كان الهدف من توجيهه رسالة الى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، بما يُبعد عن فريقه شبح العقوبات الآتي؟