على قاعدة “كلمتي أقوى من كلمتك” تبارز الرئيس المكلّف سعد الحريري والنائب جبران باسيل على حلبة “الأونيسكو”. عرّى كل منهما الآخر، الحريري بهجوم مباشر صريح ومركّز باتجاه رئيس الجمهورية، وباسيل بقصف خفي من خلف ثوب الزاهد للنيل من صلاحيات الرئيس المكلف بتعديل دستوري. بنهاية الجلسة خرج كلّ منهما منتصرًا بعيون جمهوره على مواقع التواصل الإجتماعي، الإثنان ترند على تويتر، هنيئًا لهما بالإنجاز، أمّا رسالة رئيس الجمهورية فلم تعد هي القضية، علمًا أنّها في الأساس لزوم ما لا يلزم.
حسنًا، ماذا بعد جلسة الرسالة وسقوف المواقف الشاهقة العلو؟ هل ينزل الفريقان إلى حيث وجع الناس ليتعاونا في تأليف حكومة تعالج ما يمكن معالجته قبل الإرتطام الكبير؟ أم يستثمر كلّ منهما ما حقّقه من نصر في المواجهة، فيتصلّب أكثر فأكثر؟
في تعليق له على مشهدية الجلسة يقول النائب ياسين جابر “بالنسبة لي كان يومًا حزينًا في تاريخ لبنان، نعم أشعر بالحزن والتشاؤم، وكنائب أقع بحيرة من أمري حول ما يمكن فعله، إذ تبيّن أنّ المولجين بأمور البلاد والعباد، ليسوا على دراية بأوضاع الناس وحال المؤسسات اللبنانية إن كان في القطاعين العام أو الخاص، هناك حالة هريان، وانهيار تتسارع خطاه يومًا بعد يوم، ورغم ذلك لا زالوا يتكلّمون بالمعايير وبمن يحقّ له تسمية فلان، أو أن يكون لكل وزير مقترح مرجعية تسمّيه، وكأنّ هذا ما سيُحدث الحلول المطلوبة”.
يتخوف جابر في حديث لـ “لبنان 24” من الخطوة التالية بعد الرسالة “لا سيّما وأنّها تأتي في سياق فنّده الحريري في ردّه” وكأنّ هناك مسارًا سيستكمله التيار الوطني الحر في السياق نفسه.
إيجابية وحيدة يمكن من خلالها رؤية حلّ للعقدة الحكومية إذا ما صفت النوايا، وهي إشارة باسيل إلى دعوة للحوار في بعبدا “في أحاديث سابقة قلت وأكرر يجب أن تكون بعبدا خليّة نحل، بحيث توجه الدعوة إلى كلّ الأفرقاء للتشاور والحوار لإيجاد مخارج للأزمة، المطلوب مبادرات من قبل رئيس الجمهورية، فهو رأس الدولة والمؤتمن على الدستور، وبدل إرسال رسالة إلى المجلس لماذا لا نحاول أن نضع أيدينا ببعض، ونتعاون للخروج من الأزمة وتأثيراتها المدمّرة على البلد. إذ لا يمكن لمن هو في سدة المسؤولية أن يقول لا علاقة لي، عليه أن يبادر ويبحث عن حلول وينجز تسويات”.
على رغم حدّة المواقف يلفت جابر إلى أنّ الجلسة بقيت تحت السيطرة، من دون حصول اصطدام طائفي “بحيث كان يمكن للأمور أن تنحو باتجاه الصدام والتوتر وتبادل السجال والتراشق بين النواب من الفريقين، وهذا يحسب للرئيس بري الذي نبّه الحاضرين لخطورة المنحى”.
سألنا جابر لماذا مشهدية لبنان المأزومة تعاكس واقع التسويات من فيينا إلى اليمن وسوريا؟
“هناك دول نصبت العداء لبعضها البعض تتصالح اليوم، هذا يثبت أنّ العقد الحكوميّة داخلية لها علاقة بأشخاص وحساباتهم، وما سمعناها هو تكرار للأسطوانة نفسها، هناك طرف يريد امتلاك حق الفيتو، والعقدة عالقة عند الوزيرين المسيحيين الإضافيين عن حصة الرئيس، من سيسميهم، ما هذا الكلام؟ هناك شخصيات كفوءة وليطلب رئيس الجمهورية أربعين اسمًا من الرئيس المكلف وأكثر وينتقي منهم، وهذه كلّها تفاصيل تنتفي إذا ما وجدت إرادة الحل، إلهذا الحدّ حلّ هذه المعضلة مستحيل؟”
يضيف جابر ” أفهم كيف أنّ العديد من الشخصيات ضحّت بنفسها لأجل بلدها، ولكن أيعقل أن نضحّي ببلد لأجل أحد”
عن كلام النائب علي حسن خليل بقوله إنّ “الأمور “مش مسكرة” رغم الأسقف العالية” يجيب جابر “علّ وعسى أن يُطبّق المثل اشتدي يا أزمة تنفرجي، وليفكر كل واحد ماذا سيكتب التاريخ”.
بالخلاصة الرسالة وكما كان متوقعًا لم تثمر حلًا حكوميّا، لا بل عقدّت الأمور وفاقمت أزمة الثقة بين بيت الوسط وبعبدا.