“ما حدث قرصنة برعاية الدولة” هكذا علق كثيرون على حادثة اعتراض بيلاروسيا طائرة مدنية وإجبارها على الهبوط في مطار عاصمتها مينسك، من أجل اعتقال صحفي معارض للرئيس ألكساندر لوكاشنكو.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف تمكنت بيلاروسيا من تدبير الأمر وصولا إلى القبض على الصحفي رومان بروتاسيفيتش؟
كان بروتاسيفيتش يستقل طائرة من أثينا إلى فيلنيوس، عاصمة ليتوانيا، الأحد، قبل أن يجري اعتراض الطائرة التابعة لشركة “رايان إير” المنخفضة التكلفة.
وكان على متن الطائرة 171 راكبا، وكانت على وشك الوصول إلى وجهتها قبل أن يتم اعتراضها.
ويبدو أن السلطات البيلاروسية علمت أولا بوجود المعارض على متن الطائرة عن طريق جواسيس لها كانوا بداخلها، على ما يقول الرئيس التنفيذي لشركة الطيران الإيرلندية.
وقال مايكل أوليري إن ذلك كان جزءا من مؤامرة مفترضة لاعتقال الصحفي المعارض ورفيقه، مشيرا إلى اعتقاده بوجود عملاء للمخابرات البيلاروسية أيضا في مطار أثينا.
وأضاف أوليري في حديث للإذاعة الأيرلندية “هي قضية اختطاف برعاية الدولة”.
ولقيت الحادثة تنديدا واسعا في العالم، واتفق قادة الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على مجموعة من العقوبات بحق بيلاروسيا، بما فيها حظر استخدام المجال الجوي للكتلة المكونة من 27 دولة ومطاراتها.
وكما طالب الرئيس الأميركي، جو بايدن، بإجراء تحقيق دولي للتأكد من الحقائق الكاملة للقضية، في حين تظهر ردود الفعل تخوفا من إضفاء الشرعية على ظاهرة خطف الطائرة برعاية الدول، بعد أن كانت تقوم بها جماعات مسلحة.
من ناحية أخرى، قالت ليتوانيا إن 5 ركاب كانوا على متن الطائرة لم يصلوا إلى وجهتهم النهائية، مما زاد الشكوك بشأن وجود عملاء للمخابرات على متن الطائرة.
وتظهر بيانات موقع “فلايت رادار” أن الطائرة كانت على وشك الانتهاء من رحلتها، عندما سلطة مراقبة الحركة الجوية في بيلاروسيا الطاقم من احتمال وجود قنبلة على متنها.
وبعد التحذير مباشرة، تم إرسال طائرة مقاتلة لتحويل مسار الطائرة إلى العاصمة البيلاروسية مينسك، رغم أنها لم تكن أقرب المطارات للطائرة.
وعندما حطت الطائرة في مطار مينسك، تم اعتقال الصحفي المعارض من طرف جهاز أمن دولة بيلاروسيا.
وتحدث الصحفي الشاب الذي يبلغ من العمر (26 عاما) في مقطع فيديو نشرته السلطات بعد توقيفه، إنه يعترف بتنظيم احتجاجات كبيرة في مينسك العام الماضي، لكن والده أبلغ وكالة “رويترز” أن هذه الاعترافات انتزعت قسرا.
وقال والد بروتاسيفيتش: “هذه ليست كلماته ، وليس نغمة حديثه، ويمكنك أن ترى أنه متوتر”.
وعلق بايدن على الفيديو قائلا: يبدو أن السيد بروتاسيفيتش قد تم تصويره تحت الإكراه”.
قالت بيلاروسيا، الاثنين، إن تهديدا كاذبا بوجود قنبلة أدت إلى تحويل طائرة ركاب إلى مينسك.
وفي مينسك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية إن بيلاروسيا تصرفت بما يتماشى مع اللوائح الدولية عند وجود تهديدات تطال الطائرات.
وذكر رئيس دائرة الطيران في وزارة النقل أن مرتبطين بحركة حماس الفلسطينية هددوا بتفجير الطائرة، على خلفية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وقال: “هناك قنبلة على تلك الطائرة. إذا لم تمتثل لمطالبنا فسوف تنفجر القنبلة فوق فيلنيوس في 23 مايو”.
ومن ناحيته، نفى المتحدث باسم حركة حماس فوزي برهوم أي علاقة للحركة بما جرى.
وأضاف “نحن لا نلجأ إلى هذه الأساليب التي قد تكون من فعل بعض الأطراف المشبوهة (…)”.
هو صحفي من بيلاروسيا يبلغ من العمر (26 عاما)، وكان يعمل في منصة رقمية تدعى NEXTA مقرها في بولندا، وكانت متخصصة في نشر أخبارا ومقاطع فيديو عن الاحتجاجات ضد الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، العام الماضي.
وشهدت بيلاروسيا احتجاجات عارمة في 2020، بعد أن أعلن لوكاشينكو فوزه في الانتخابات للمرة السادسة على التوالي، بينما أكدت المعارضة أن النتيجة مزورة.
ويحكم لوكاشينكو الجمهورية السوفيتية السابقة منذ عام 1994، وينظر إليه على أنه “آخر دكتاتور في أوروبا” على ما تقول شبكة “سكاي نيوز” البريطانية.
وفي أثناء تلك الاحتجاجات التي قوبلت بالعنف الشديد، كان الصحفي بروتاسيفيتش نشيطا في التغطية عبر تطبيق”تلغرام” الذي استعمله لجمع الأخبار ونشرها في وقت في وقت كان من الصعب على وسائل الإعلام الأجنبية تغطية الأحداث بصورة مباشرة في الجمهورية السوفيتية السابقة.