بحكم الواقع باتت المبادرة الفرنسية بخبر كان، جرى ضربها اولا عبر تفكيكها، فنزع مطلب الانتخابات النيابية المبكرة في قصر الصنبور، ثم جرى استنزاف بنودها ،الواحد تلو الاخر، وصولا إلى الاجهاز عليها ، فما عاد لبنان يحتاج لحكومة إنقاذ مدتها 6 أشهر بل يستلزم الوضع اكثر من ذلك بكثير.
لا وقت لسرد الأنانية المفرطة عند أصحاب القرار، لان لبنان صار عرضة للتشظي، والانهيار بات حتميا ، وسلطة الابتزاز على حالها ، تقايض اللبنانيين على رغيف الخبز وصفيحة المحروقات بعدما نهبت الدولة والمصارف دون خجل. حتى انفجار المرفأ الكبير في 4 آب لم يحرك ضمائر المسؤولين بل امعنوا في ممارسات كيدية وساهموا في تدهور الأوضاع.أمام هذا الواقع ، يخوض الرئيس بري مبادرته الأخيرة بعدما فتحت كاسحة ألغام حزب الله الطريق امامه بفعل موقف نصرالله الاخير . ويفيد مواكبون بأن طرح بري يصطدم بعقدة تسمية وزيرين مسيحيين من أصل 24 وزيرا ، وهذه نقطة النزاع الأساسية بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف ، كونها قد تحقق للأول الظفر بالثلث المعطل ولو بشكل موارب كحاجة سياسية ملحة تتصل بمستقبل جبران باسيل السياسي ، او تفسح المجال أمام الحريري للامساك بحكومة نهاية العهد.
ليس من شك في دهاء بري، وأكثر من طرف يؤكد على براعته السياسية في تدوير الزوايا، خصوصا مع دخول البطريرك مار بشارة بطرس الراعي على الخط ومساهمته الفعالة كون نقط الخلاف تتصل بما يسمى حقوق المسيحيين ، لكن بطبيعة الحال هذا لا يجيز ، وان وجد، اختلاق أعراف دستورية جديدة والتعدي على النصوص على غرار بدع لوائح قصر بعبدا المزعومة كون عملية التشكيل هي اولا من مهام الرئيس المكلف.في هذا المجال، يشير مصدر سياسي إلى امر في غاية الأهمية يتعلق بانقضاء أشهر على تكليف الحريري بحيث لا يمكن تجميد الزمن في ظل تدهور الأوضاع بشكل مريع جدا، ويستحيل على كل القوى السياسية مقاربة تشكيل الحكومة بعد طول هذه الفترة. ولعل أولى الخطوات الداعمة يكمن بتنظيم الاستحقاقات الانتخابية العام المقبل وأبرزها على الإطلاق الانتخابات النيابية التي ستحدد حقيقة الاحجام والأوزان السياسية.برأي المصادر عينها، اذا كانت عقدة الثلث المعطل هي نجم العقد الحكومية بين قصر بعبدا وبيت الوسط ، فإن طرح الانتخابات النيابية بات جوهر الصراع الحقيقي، خصوصا كون الانتخابات هي الثغرة التي تعطي فريق عون فرصة ذهبية لتحقيق امنيته بالتخلص من تكليف الحريري طالما ان الحكومة العتيدة تتلخص مهمتها الوحيدة بالإشراف على الانتخابات النيابية المقبلة.