كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”: تنطلق مبادرة الرئيس نبيه بري اليوم بشكل فعلي، مع عودة الرئيس المكلف سعد الحريري الى بيروت، حيث من المفترض أن يُعقد لقاء بينهما للبحث مجددا وجديا في عملية التأليف، وإستعراض المواقف التي سمعها ممثلا الثنائي الشيعي خلال تواصلهما مع رئيس الجمهورية ميشال عون والنائب جبران باسيل حول تذليل العقبات وكيفية الخروج من حال المراوحة القاتلة.
يمكن القول إن الأجواء لا تزال ضبابية جدا، وأن التفاؤل الذي طبع الأيام الماضية لا يستند الى أي معطيات بل هو أقرب الى التمنيات، خصوصا أن أحدا لا يعلم ماذا يخبئ “شيطان التفاصيل”، خصوصا بعد الاشارات السلبية التي نتجت عن سلوك رئيس الجمهورية بإرساله تشكيلتين حكوميتين الى البطريرك بشارة الراعي، وطرح باسيل بقيام كل الأطراف المعنية بوضع أسماء مسيحية في سلة لاختيار إسمين منهم لوزارتيّ الداخلية والعدل.
تقرأ مصادر سياسية مطلعة في التشكيلتين اللتين أرسلهما الرئيس عون الى البطريرك الراعي، بأنه لم ولن يتنازل عن “الثلث المعطل” الذي كان ولا يزال يشكل ضمانة التأثير لفريقه السياسي على طاولة مجلس الوزراء، وصولا الى ما هو أبعد من ذلك بما يتعلق بعدم إمكانية إنتخاب رئيس جديد للجمهورية كما هو متوقع، حيث يستطيع هذا الثلث باستقالته وتحويل الحكومة الى تصريف الأعمال أن يمكّن عون من البقاء في قصر بعبدا كونه لا توجد حكومة فاعلة لاستلام السلطة، وطبعا الفتاوى الدستورية ستكون جاهزة، بما يؤدي الى تمديد مقنع للرئيس عون سبق وتحدث عنه بذلة لسان النائب ماريو عون الذي أكد أن رئيس الجمهورية لن يسلم السلطة.في حين ترى مصادر أخرى أن المشاورات هذه المرة جدية جدا، كونها تجري بضمانة حزب الله، وأن الأمور ذاهبة الى تشكيلة حكومية من 24 وزيرا من دون ثلث معطل لأي تيار سياسي، على أن يتم تسمية وزيرين مسيحيين مستقلين يحظيان برضى كل الأطراف، شرط أن لا يتعارض ذلك مع الضوابط الدستورية ولا ينال من صلاحيات رئيس الحكومة.
وتؤكد المصادر نفسها أنه في حال تشكلت الحكومة، فإن الأزمات ستتضاعف بفعل إنفجار الملفات العالقة بوجهها الواحد تلو الآخر، خصوصا لجهة رفع الدعم وتأمين التمويل للبطاقة التمويلية ومواجهة صعوبات تفاصيل الحياة اليومية للبنانيين التي تحتاج الى إمكانات غير متوفرة في ظل إنعدام الثقة الدولية والعربية بالسلطة الحاكمة.
في غضون ذلك، فإن التوتر الكلامي بين الجبهتين البرتقالية والزرقاء بلغ مداه وهو لا يبشر بالخير، بدءا من بث شائعة أن الحريري موقوف في الامارات وقد إنقطعت أخبارة منذ ثلاثة أيام، وإتهامه بالعجز عن تشكيل الحكومة بسبب الغضب السعودي عليه.. وصولا الى المصادر المقربة من بيت الوسط والتي تؤكد أن الرئيس عون لا يريد الحريري رئيسا للحكومة إنطلاقا من ثأر شخصي ولكونه يقف في وجه طموحات باسيل الرئاسية، وأنه كلما حاول سعاة الخير إيجاد مخرج للأزمة عطلها عون وباسيل بالتكافل والتضامن بالاساءات وإستهداف الدستور، والأمثلة على ذلك باتت كثيرة وواضحة.أمام هذا الواقع، يبقى التخبط سيد الموقف، في وقت يزداد الخناق على أعناق اللبنانيين إستشفائيا ودوائيا وغذائيا بما يؤكد أن سقوط الفرصة الأخيرة التي تحدث عنها الرئيس بري ستكون بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير وصولا نحو الانفجار الشامل.