خطف الموضوع المالي أمس الانظار عن الموضوع الحكومي، على وقع استمرار حرب البيانات التي عادت واندلعت بين طرفي النزاع، اي التيار الوطني الحر وتيار المستقبل. في هذا الوقت، غابت كل معالم التحركات السياسية المتصلة بمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، فيما بدا من الواضح ان الستاتيكو التصعيدي أرخى ذيوله بقوة على مجمل الوضع بحيث يخشى ان تعقب مرحلة الانفجار الحاد بين العهد والرئيس المكلف سعد الحريري مرحلة أخرى من الشلل السياسي قبل اتضاح ما يمكن ان تتجه اليه الخيارات البديلة التي تتردد عناوينها بين استقالات نيابية وانتخابات مبكرة او حكومة انتقالية.
محركات بري مستمرةفي هذا الوقت، لا تزال محركات الرئيس نبيه بري مستمرة في العمل على الرغم من التباعد الحاصل بين طرفي النزاع، ما دفع الى تمديد تمديد ضمني للمهلة المتعلقة بمبادرة الرئيس بري أسبوعا اخر او اكثر، حتى لو لم تكن هناك مؤشرات تبعث على التفاؤل بإمكان ان يطرأ ما يحمل العهد وباسيل على التخلي عن معاندتهما الرافضة لحق الرئيس المكلف في ان يسمي وزيراً او وزيرين مسيحيين الامر الذي بات يختصر عنوان سعيهما المكشوف للامعان في التعطيل واسقاط مبادرة بري.
وفي هذا الاطار، أوضحت المصادر لـ”نداء الوطن” أنّ الاتصالات استُؤنفت خلال الساعات الأخيرة على أكثر من خط: بكركي – عين التينة، عين التينة – بيت الوسط، حارة حريك – قصر بعبدا، “وتركزت في مجملها على ضرورة تهدئة الأجواء وعدم التفريط بالفرصة الأخيرة التي تمثلها مبادرة بري في سبيل الخروج بصيغة مقبولة من الجميع لتشكيل الحكومة”، وكشفت في هذا الإطار أنّ رئيس المجلس لديه تصور معيّن لكيفية تسمية الوزيرين المسيحيين “إذا كانت هذه فعلاً هي العقدة التي تحول دون التأليف، كما يمتلك طرحاً لإعادة توزيع بعض الحقائب إذا اقتضى الأمر بشكل يُرضي رئيس الجمهورية والرئيس المكلف على حد سواء”، لافتةً الانتباه في المقابل إلى أنّه “في حال استمر الوضع على ما هو عليه من إجهاض لكل الطروحات والأفكار، عندها سيكتشف الجميع أنّ “وراء الأكمة ما وراءها” وأنّ هناك نوايا تعطيلية مبيّتة عن سابق إصرار وترصّد”.ومن هنا، قالت المصادر المتابعة للاتصالات لـ”النهار” ان الرئيس بري لم ينع مبادرته ولم يقل انه اوقف محركاته، ويتوقع ان تكون في صلب الاتصال المقرر بينه وبين البطريرك الماروني . المصادر لا تنفي الصعوبة بأن يشكل الرئيس المكلف مع رئيس الجمهورية الا ان لا خيار آخر غير المبادرة مطروحاً حتى الآن طالما لم يعتذر الحريري عن التأليف، وطالما ان اي كلام عن انتخابات نيابية مبكرة لا يعدو كونه فكرة يقترحها البعض للخروج من المأزق دون ان تتحوّل الى مشروع بحث داخلي او خارجي.وليلاً، ترددت معلومات عن لقاء جديد بين النائب علي حسن خليل والحاج حسين خليل المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله مع النائب باسيل.خيارات الحريري تضيقوعلى الضفة الثانية، فترى مصادر سياسية واسعة الاطلاع أن الخيارات بدأت تضيق أمام الرئيس الحريري وأنّ “أحلاها مرّ” وعلى الأرجح ستنتهي “عاجلاً أم آجلاً” إلى خيار الاعتذار والتنحي “ولو بعد حين”، مشيرةً إلى أنّ “الحريري أصبح أمام معادلة واضحة، فإما يرضخ للابتزاز العوني ويرضى بترؤس حكومة يحكمها جبران باسيل لينال توقيع رئيس الجمهورية على تشكيلتها، أو ينفض يده كلياً من عملية التكليف والتأليف ويترك للعهد أن يحصد ما جناه على نفسه”.وأوضحت المصادر أنّ ما نقله نواب “المستقبل” إثر الاجتماع الأخير للكتلة برئاسة الحريري “يؤكد بوضوح أنه لا ينوي التراجع والمهادنة والتنازل عن صلاحياته الدستورية في التأليف، خصوصاً وأنّ القبول بما يطرحه باسيل لجهة رفض تسمية رئيس الحكومة وزيراً مسيحياً، سيعني استحصال عون و”التيار الوطني” على “الثلث المعطل” مواربةً من خلال حصة مؤلفة أقله من “8 وزراء + 1″، يتم اختياره بالتوافق مع عون، ما سيؤدي حُكماً إلى ضرب صيغة الـ888 التي ترتكز عليها مبادرة بري”.وعليه، تعتبر المصادر أنّ “الحريري بات مدركاً استحالة التأليف في ظل استمرار الشروط العونية، لكنه يفضّل منح مبادرة رئيس المجلس النيابي المساحة المطلوبة لبلورة نتائجها النهائية، وعندما يتوصل بري إلى قناعة بأنّ مبادرته فشلت يمكن القول عندها بأنّ العد العكسي للاعتذار انطلق، واتخاذ هكذا قرار سيكون مسألة وقت ليس أكثر بانتظار إجراء مشاورات أخيرة بين الحريري ورؤساء الحكومات السابقين الذين لا يزالون يعارضون خيار التنحي بشدة”.وفي سياق متصل، بدا الثنائي الشيعي بالتحضير للهجوم المعاكس اذا استقال التيار والمستقبل والقوات من المجلس النيابي…يقول قيادي بارز في الثنائي “لا يعقل ان نقف متفرجين على حل المجلس وضرب الموقع الشيعي تحت اي ذريعة”… ويكشف “للمرة الاولى ، يجري الثنائي اتصالات ولقاءات مكثفة لمقاربة سيناريو الاستقالات الجماعية وما يترتب عليه من حل للمجلس النيابي وفراغ في السلطة التشريعية وازمة سياسية خطيرة في البلد”، مشيرا الى ان الثنائي “ارسل رسائل في اكثر من اتجاه مفادها ان اي خطوة من هذا النوع سوف يكون ثمنها الذهاب نحو مؤتمر تأسيسي شامل”.موقف باريس وعن الاصداء الفرنسية للتطورات الأخيرة في لبنان، أفادت “النهار” ان فرنسا لم تفقد الامل رغم التراشق الكلامي بين الرئاسة اللبنانية “وتيار المستقبل”. وقال مصدر فرنسي رفيع لـ”النهار”: مازالت الضرورة والأولوية لتشكيل حكومة وليس صحيحا ان مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري سقطت وان كل شيء سقط . ومازال الفريق الرئاسي الفرنسي على اتصال مع جميع المعنيين لتشكيل الحكومة”. وكان المسؤول عن الشرق الاوسط في الفريق الديبلوماسي الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل اتصل بالرئيس المكلف سعد الحريري الاسبوع الماضي وبمسؤولين لبنانيين آخرين والاتصالات مستمرة. الى ذلك علمت “النهار” ان فرنسا تمكنت من توسيع المشاركين في المؤتمر الدولي لدعم الجيش الذي سيعقد بعد اسبوعين في باريس، ولم يفصح المسؤول عن هوية المشاركين ولكن المعروف ان الولايات المتحدة وبريطانيا وايطاليا ستشارك وقد يعني التوسيع مشاركة عربية فيه.