كتبت ميسم رزق في” الاخبار”: في اللقاء الأخير الذي جمعه بالحريري في عين التينة بعدَ عودته من الخارج، جرى الاتفاق بينهما على تشكيلة من 24 وزيراً، حملها النائب علي حسن خليل إلى المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، حيث أدخلَ الطرفان بعض التعديلات عليها، ربطاً بمشاورات كانَ يجريها الحزب مع باسيل. «على الحارِك» تقرّر الاجتماع الليلي الذي جمَع الخليلين ومسؤول وحدة الارتباط في حزب الله وفيق صفا بباسيل في منزل الأخير في البياضة.
كانَ الجو الإيجابي يطغى على الجلسة في بدايتها، خاصّة أن «التوافق على الصيغة التي وُضعت» كانت نسبته عالية جداً، وقد وافقَ باسيل عليها مع طلبه بإدخال بعض التعديلات. وقد وُزعت التشكيلة على الشكل الآتي: الحريري رئيساً للحكومة، نائب رئيس (المردة)، الرئيس (الدفاع، الداخلية، التربية، الشؤون الاجتماعية، الثقافة، الاقتصاد)، حركة أمل (المالية، التنمية الإدارية، السياحة)، حزب الله (العمل، الأشغال)، المردة (الطاقة)، المستقبل (الصحة، البيئة، العدل، الزراعة)، السوري القومي الاجتماعي (المهجرين)، الطاشناق (الصناعة)، وليد جنبلاط (الخارجية)، طلال ارسلان (الشباب والرياضة)، أقليات (الإعلام).هذه الصيغة التي توزّعت على القوى السياسية والطوائف كانت الأكثر قبولاً بينَ كل الصيغ، مع بعض التعديلات التي طالب بها باسيل. فهو مثلاً رفض إعطاء وزارة الطاقة للمردة، على اعتبار أن سليمان فرنجية سيستخدمها ضد التيار الوطني الحرّ، مقترحاً استبدالها بوزارة الاتصالات على أن تعطى الطاقة لحزب الله أو الحريري. وكان باسيل قد طالب بالتبادل مع «حركة أمل» فيأخذ هو «السياحة» وتأخذ «أمل» وزارة الثقافة. بينما كان الحريري يرفض أن تكون وزارة الاقتصاد من نصيب التيار الوطني الحر لأسباب «تتعلق بصندوق النقد الدولي وبرنامجه».
إلى هنا، كانت الأمور لا تزال تسير في الاتجاه السليم والعقبات المتبقية قابلة للحل، غيرَ أن ما كانَ لافتاً هو إصرار باسيل على أن لا يذكر اسم التيار إلى جانب أي من الحقائب في الورقة، واستبداله بكلمة رئيس الجمهورية. وبينما جرى الاتفاق على صيغة الـ24 وزيراً، لم تكن هناك مشكلة في ما يتعلق بالمقاعد الـ 12 الموزعة على المسلمين، ولا حتى المقاعد المسيحية باستثناء وزيرين مسيحيين بقيَ باسيل مصراً على أن لا يسميهما الحريري. وعليه بدأ الجميع في تقديم أفكار من بينها أن يطرح كل من عون والحريري عدداً كبيراً من الأسماء إلى حين التوافق على اسمين منها، واختيار أسماء من موظفي الفئة الأولى والثانية في القطاع العام، كما أن يكون الوزيران توافقيين من دون إعطائهما حقائب وازنة، لكنها بقيت اقتراحات قيد الدرس من دون الوصول إلى اتفاق على أيٍّ منها.
إلا أن نقطة بارزة أثيرت في اللقاء، وهي إشارة باسيل إلى أن منح التيار الوطني الحرّ الثقة لحكومة الحريري هو قرار غير محسوم بعد، ما فاجأ الحاضرين الذين أجابوا بأن هذ الأمر سيفتح الباب على مشكلة إضافية، وهي أن الرئيس المكلف حينها سيتراجع عن موافقته بإعطاء رئيس الجمهورية 8 وزراء.في المقابل، تمسّك باسيل برفض صيغة الـ8-8-8 (8 وزراء لرئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، 8 وزراء لقوى 8 آذار، و8 وزراء للحريري وجنبلاط) باعتبارها تكريساً للمثالثة، إذ إن ثلث الوزراء سيكون من حصة المسيحيين و8 من حصة السنة و8 من حصة الشيعة. ويعتبر باسيل أن وجود الحريري رئيساً للحكومة وحده يضمن له ما هو أقوى من الثلث المعطل، فهو قادر على تعطيل الجلسات متى أراد أو الإطاحة بالحكومة باستقالته، فضلاً عن قدرته على تمرير ما يريد ما دام جنبلاط إلى جانبه كما «حركة أمل» و«المردة».في الخلاصة، انتهت المفاوضات على ما بدأته: لا تأليف لحكومة جديدة في المدى المنظور.
المصدر:
الأخبار