بين كلام الرئيس نبيه بري الذي إفترض أن يكون هذا الاسبوع حاسمًا على الصعيد الحكومي وبين كلام الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الذي أوحى بأن الحسم قد يطول عندما قال “ما حدا يحط مهل لتشكيل الحكومة لا اسبوع ولا 2 ولا 7 اشهر”، يبدو أن “الثنائي الشيعي” دخل مرحلة توزيع الأدوار وإدارة دفّة سفينة الأزمة الحكومية. وهذا بدا واضحًا في دعم “حزب الله” لمساعي رئيس المجلس النيابي، الذي يصرّ على إنجاح مبادرته “غصبًا عن جميع الذين يعرقلون”.
هذا الإصرار جاء بعد جولتين من المناقشات غير المجدية التي أجراها “الخليلان”مع النائب جبران باسيل، الذي لا يزال يضع شروطًا يمكن وصفها بـ”التعجيزية”، وفق ما تقوله بعض المصادر.
وقياسًا عليه، فإن الرئيس سعد الحريري، الذي طوى صفحة الإعتذار نهائيًا، ينكبّ في الوقت المستقطع على “روتشة” تشكيلته القديمة ليعرضها مجدّدًا كصيغة يرى البعض أنها متوازنة وتراعي “وحدة المعايير”. وفي رأي مصادر أخرى أن الحريري يريد من خلال خطوته الجديدة – القديمة أن “يزرك” باسيل في الزاوية ويحشره أمام “سعاة أهل الخير”. وبذلك يكون رئيس تيار “المستقبل” قد ردّ الكرة إلى ملعب “رئيس”تكتل “لبنان القوي” الذي طالب بوجوب أن يحسم الحريري قراره بالتأليف أو عدمه وأن يتحمّل جميع المعنيين مسؤولياتهم “لأنه يستحيل أن تطول حال الانتظار”.
وفي رأي هذه المصادر فإن حركة الحريري في هذا الوقت تركّز على إظهار حقيقة موقف باسيل، الذي لا يخفي مشاعره تجاه الرئيس المكّلف، ويقول للمقربين منه كما يُنقل عنه، أنه من رابع المستحيلات القبول بترؤوس من يعتبره “خصمنا” آخر حكومة في عهد الرئيس ميشال عون.
ووفق بعض المطلعين على آخر أجواء مساعي إخراج الأزمة الحكومية من عنق الزجاجة فإن ما يقارب الـ 90 في المئة من النقاط العالقة قد تمّ التوصلّ إلى حلّها، ولم يبق سوى ما نسبته 10 في المئة، والمتمثلة بتسمية الوزيرين المسيحيين. وفي المعلومات أن باسيل رفض كل إقتراحات الحلول التي عرضها عليه “الخليلان”، وهو لا يزال يصرّ على أن يسمّيهما رئيس الجمهورية، مع العلم أن إقتراحات “الخليلين” قاربت الموضوع من جوانب موضوعية وحاولت تقريب المسافة بين ما يطالب به باسيل وما يتمسّك به الحريري. إلا أن بعض المصادر في “التيار الوطني الحر” اصرّت على أن لقاء “البياضة” كان إيجابيًا إلى حدود بعيدة، إذ دخل الجميع في تفاصيل التفاصيل، وتمّ الإتفاق على أن يبقى ما إتفق عليه المجتمعون طي الكتمان ريثما ترد أجوبة الرئيس الحريري على مقترحات باسيل. وكان قد عُرض على البطريرك الراعي توّلي مهمة تسمية الوزيرين المسيحيين، لكنه رفض إدخاله في زواريب السياسة الضيقة، على رغم إقتناعه بأنه لا يجب أن تطغى التفاصيل على الجوهر، وألا يعيق أي تفصيل آخر مسيرة التشكيلة الحكومية، التي يجب أن تبصر النور اليوم قبل الغد، إذ من غير المقبول أو المنطقي أن تتعّطل أمور البلاد وتُشّل الحركة فيها بعدما إنهار كل شيء، وذلك من أجل أن يمشي رأي فلان وعلتان. وعلى رغم المعلومات المتضاربة والمتناقضة، والتي تتراوح بين التفاؤل والتشاؤم، يقول بعض الذين أيديهم في النار إنه من غير المقبول أن يبقى مصير بلد بأمه وأبيه معلقًّا على خلاف على تسمية “وزيرين”. فمصلحة البلد ومستقبله ومستقبل أجياله أهمّ من مصلحة هذه الطائفة أو تلك، أو حقوق عمر أو زيد.