كتبت هديل فرفور في “الأخبار”: “تزامن الوباء مع الأزمة الاقتصادية شكّل «شمّاعة» علّقت عليها إدارة مستشفى رفيق الحريري الحكومي كل أسباب التداعي الذي يشهده هذا الصرح الطبي الضخم، كما مثّل فرصة لـ«الاستثمار» والتسويق لتحقيق «إنجازات» في الزمن الصعب. لكنّ هذا التزامن نفسه كشف استمرار نهج الفوضى والاستنسابية المتحكّم بالإدارة، والذي أدّى إلى تراكم الديون على المستشفى وتجاوزها حاجز الـ 100 مليار ليرة، رغم الهبات والمُساعدات التي أُغدقت عليه في مرحلة تفشي «كورونا». «فوضى» و«استنسابية» و«فردانية»، بحسب ما أكّد لـ« الأخبار»، طلاب طب من العاملين في المُستشفى، شكوا من تعرّضهم لـ «استغلال» الإدارة لهم و«استعبادهم»، كأن «يُرمى» على طالب اختصاص سنة أولى تولي إدارة طابق بأكمله «في غياب تام للطبيب المسؤول عن الطابق»، أو أن يضطر طالب مقيم للعمل ثلاثين يوماً بدوام كامل مع التزامه البقاء على التواصل الهاتفي خلال إجازته لقاء 900 ألف ليرة فقط، أو أن يبيت الطالب في المستشفى 11 يوماً في الشهر في ظل خضوعه لامتحانات واستحقاقات ضاغطة!
في حسابات الإدارة أنّ تشغيل الطلّاب، خصوصاً الساعين إلى الحصول على اختصاص بسبب طبيعة دراسة الطب في الجامعة اللبنانية، «أوفر» بكثير من التوظيف لسدّ النقص في عديد الطواقم الطبية والتمريضية. فبحجة عدم القدرة على التوظيف أو الاستعانة بأطباء بأجور أعلى من خارج المُستشفى، «يُفرض علينا القيام بأعمال إضافية كإجراء فحوصات pcr إلى جانب عملنا المعتاد». والأسوأ، وفق ما يؤكد هؤلاء، هو تعرّضهم لـ«التهديد بالطرد» و«الابتزاز» بعدم منحهم إفادات عمل من المُستشفى ما لم يلتزموا بالدوامات المرهقة، أو في حال اعترضوا على الضغط المفروض عليهم.
المدير العام للمستشفى، الدكتور فراس الأبيض، الذي «يُمجّد» في تغريداته على «تويتر»، جهود الطواقم الطبية، «هو نفسه من يُمسك برقاب الطلاب. وقد قال حرفياً لطلاب طب من الجامعة العربية: إذا كان بعض طلاب اللبنانية ممتعضين من الوضع فلديهم سنة فقط وينهون اختصاصهم. أما أنتم فباقون وتعلمون ماذا يمكنني أن أفعل»، وفق ما نقل أحد الطلاب لـ«الأخبار». وأضاف: «عندما سأل أحدهم الأبيض: جايين نتعلم أو نشيل شغل؟ أجابه: لاء جايي تشيل شغل»! ولدى سؤاله لماذا لا يستعين بأعداد إضافية من طلاب الطب في «اللبنانية»، تذرّع الأبيض (يسافر أسبوعياً إلى السعودية لمزاولة أعماله الخاصة هناك) بأن «إدارة الجامعة رفضت»، فيما تؤكد مصادر الجامعة أنها عرضت ذلك عليه، لكنه رفض بحجة «عدم حاجته»!في اتصال مع «الأخبار»، نفى الأبيض اتهامات الطلاب، لافتاً إلى أن طلاب الطب المقيمين في المستشفى العاملين في أقسام كورونا هم الأطباء «الوحيدون الذين يتقاضون راتباً ونصف راتب»، فيما تشير مصادر الطلاب إلى أن ذلك شمل فقط العاملين في قسم «كورونا» مع زيادة الأعباء عليهم عبر إلزامهم بإجراء فحوصات PCR. ولفت مدير المستشفى إلى «أن الكلام عن أننا نهدد بعدم منح الطلاب شهادات عارٍ عن الصحة»، فيما المقصود هو إفادات التدريب التي يمنحها المستشفى للطالب ليجتاز سنوات اختصاصه، والذي لا تستقيم إجازته من دونها.أما التوظيفات، فأكد الأبيض أنها كانت نتيجة الحاجة إلى الموظفين «وهذه الانتقادات تأتي من باب الاستهداف»، لافتاً إلى أن الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد أثّرت على كل القطاعات، علماً أن النقص في المعدات والشراشف والصابون يسبق عمر الأزمة بسنوات!”.