مما لا شك فيه، وفق المنطق، ان الشعب يثور ضد السلطة في كل دول العالم تارة للمطالبة بحقوقه وتحسين سبل العيش وتارة لتغيير نظام الحكم، وهذا ما حصل في لبنان في مراحل مختلفة كان أبرزها في الأعوام الاخيرة” ثورة 17 تشرين 2019″التي هزت عروش اركان السلطة من دون ان تقيلهم من مناصبهم بفعل العصبيات الطائفية والمذهبية التي يعمل زعماء الطوائف على شد اواصرها .
منذ ذلك الحين والازمات في لبنان تتوالى على مختلف النواحي السياسية والإقتصادية والمالية والمعيشية والنقدية والاجتماعية من دون اي أفق لمعالجة الوضع الذي ينذر بالمزيد من التدهور والانفجار يوما بعد يوم ، خاصة وان ما يجري على صعيد انقطاع الدواء والكهرباء وازمةالمحروقات، وفق رأي المتابعين، اشبه بخطة مدروسة لرفع الدعم عن السلع الاولية والاساسية والمحروقات والأدوية، فاذا استمرت الازمة على حالها سيسارع اللبنانيون الى المطالبة برفع الدعم من اجل الحصول على الدواء وغيره من مستلزمات الضرورية اليومية.
امام هذا التخبط، لم ينزل الشعب إلى الشارع، إنما السلطة التي سارت الى الاضراب الذي دعا اليه الاتحاد العمالي العام والذي يحمل عنوانا اساسيا هو تأليف حكومة انقاذية. لكن لسوء القدر ان السلطة التي أعلنت مشاركتها في الإضراب، عبر جماعتها، هي وحدها من يعطل تأليف الحكومة بفعل المناكفات السياسية ، هذا عطفا عن ان القاصي والداني يدرك أن كل النقابات في لبنان والاتحادات محسوبة على الاحزاب السياسية الأساسية في البلد وبالتالي فانها لا تتحرك الا بأشعار منها.
امام ذلك، الأسئلة المشروعة كثيرة ولعل ابرزها ضد مَن اضرب هؤلاء؟ هل اضربوا ضد السلطة التي أوصلت البلد الى ما وصل اليه؟ بالتأكيد لا . فمناصرو السلطة اصطفوا الى جانب الاتحاد عبر نقاباتهم. ولذلك يصح القول إن السلطة اليوم اضربت ضد الشعب. نعم هي اضربت ضد الفقير وصاحب البقالة الصغيرة وضد الطبيب والمريض والصيدلي والمؤسسات الخاصة الصغيرة منها والكبيرة التي تكاد تقفل أبوابها لانها لا تستند الى دعم سياسي.
براءة اختراع جديد تسجل لهذه السلطة.