تكثر التحذيرات المحلية والخارجية من انفجار اجتماعي – امني، يُسرع لبنان الخطى نحوه.
مطلع الاسبوع، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري رداً على سؤال عن ان الرئيس المكلف سعد الحريري قد يُقدم على الاعتذار بناء لإشارة من بري تعلن رسميا موت مبادرته: “الانتظار سيطول” مستطردا “البلد لا يحتمل التأخير، ولا يحتمل إنتظار انتخابات نيابية ولو مبكرة، لانها لا يمكن ان تحصل قبل ثلاثة او اربعة اشهر، والبلد قد يشهد انهياراً كاملاً خلالها، اذا اعتذر الحريري سيكون انهيار تام، واخاف من الناحية الامنية”.
قبله بأيام، كان قائد الجيش العماد جوزيف عون يتحدث امام المؤتمر الدولي الذي عقد لدعم المؤسسة العسكرية، محذرا ايضا.
فقد قرع ناقوس الخطر ونبّه من انهيار الجيش اللبناني إذا استمرت الأوضاع على حالها كما أسهب في وصف الوضع الاقتصادي والاجتماعي وانعكاساته على الجيش الذي ما زال يحظى بدعم وثقة محلية ودولية، معتبراً أن “الحاجة تزداد اليوم أكثر إلى دعمه ومساندته كي يبقى متماسكاً وقادراً على القيام بمهامه”.
ولم يكتف القائد بهذا الموقف بل حذر من أن “استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان سيؤدي حتماً إلى انهيار المؤسسات، ومن ضمنها المؤسسة العسكرية، وبالتالي فإنّ البلد بأكمله سيكون مكشوفاً أمنياً، وأشدد على ضرورة دعم العسكري كفردٍ لاجتياز هذه المرحلة الدقيقة، إضافة إلى دعم المؤسسة ككل”.
وقال “الجيش هو المؤسسة الوحيدة والأخيرة التي لا تزال متماسكة وهي الضمانة للأمن والاستقرار في لبنان والمنطقة، وأي مسّ بها سيؤدي إلى انهيار الكيان اللبناني وانتشار الفوضى ونؤمن بأننا سنجتاز هذه المرحلة الصعبة والدقيقة بفضل عزيمة جنودنا وإرادتهم وبدعم اللبنانيين والدول الصديقة”.
رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، بدوره، يقضّ مضجعَه الهمُّ الامني – الاجتماعي. فبعد ان جال في الايام الماضية في الجبل والتقى المرجعيات الدينية لطائفة الموحدين الدروز، داعيا الى تسوية سياسية تقي البلاد شرّ الاسوأ الآتي، قائلا “في الأمن الاجتماعي لا يسعني ألا أن أقول أن ليس هناك أفق لأنهم يرفضون التسوية.
ولا أعلم كيف هناك مواطن غير مسؤول هكذا ليرفض التسوية”، فإنه يستعدّ لاجتماع يُعقد السبت المقبل في دارة خلدة يحضره اليه، رئيسُ الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان ورئيسُ حزب التوحيد العربي وئام وهاب، وهدف اللقاء الاول: البحث في كيفية تأمين اجتياز ابناء الجبل، للمرحلة المقبلة، بصعوباتها المعيشية والاقتصادية والمالية، بأقلّ الاثمان والاضرار الممكنة، ذلك ان “المختارة”، تخشى من اضطرابات شعبية وامنية، ستشتد وتيرتها كلّما اشتدت وطأة الازمة، وبالتالي فإنه لا بد من الاستعداد وتحصين المنطقة لتفادي السيناريوهات السوداء المرتقبة.
الجدير ذكره، ان القوى الكبرى التي ابدت اهتماما بالملف اللبناني منذ اشهر، وعرضت على قادته المساعدة والوساطات للتوفيق بينهم سياسيا وحكوميا، كانت كلّها تحذّر من ان الاستمرار في المناكفات السياسية، التي تفاقم الانهيار الاقتصادي، سيقود لبنان الى الفوضى. لكن، بحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة معارضة لـ”المركزية”، كل هذه التحذيرات بدت كصرخة في واد، حيث ان اهل المنظومة، ومنهم للمفارقة مَن يقف اليوم في صفوف “المنبّهين” بعد ان تمسّك بوزارات وطوّبها لنفسه، قرّروا إعلاء مصالحهم الفئوية والشخصية والاقليمية وتقديمَها على المصلحة الوطنية العليا، غير آبهين بالخطر المصيري الذي يمثّله سلوكُهم الانانيّ هذا، على البلاد.
كان بإمكانهم ان يواصلوا حربهم السياسية، لكن في المقابل، ان يتّخذوا خطواتٍ اقتصادية – امنية ما، تلجم الانهيار وتخفّف وطأته على الناس، من قَبِيل ترشيد الدعم وضبط الحدود ومحاربة التهريب واقرار بطاقة تمويلية للاكثر فقرا، الا انهم ارتأوا عدمَ فعل شيء والتفرّج على الجحيم المعيشي هذا فيما معاركُهم الشخصيّة مستمرة و”من بعدي فليكن الطوفان”.
اليوم، تجاوزت الاوضاع المعيشية الخطوط الحمراء كلّها، ومعالم الانفجار التي بدأت بالظهور امس في صيدا وفي طرابلس وعكار، على صورة قطع طرق وحرق اطارات واستهداف وزارة الطاقة بزجاجات حارقة واعتراض مواطنين شاحنات نقل بنزين وحليب وحفاضات، ستزداد تباعا في قابل الايام طالما السلطة السياسية غائبة عن السمع وتتلهّى بحصصها وصلاحياتها.. كان الله في عون القوى العسكرية والامنية لتتمكّن من حماية البلاد والعباد من نتائج ما اقترفته الطبقة السياسية الرعناء، تختم المصادر.