يطل الاسبوع الحالي، حاملاً المزيد من المشاكل والاحتجاجات في الشارع، على وقع البدء برفع سعر المحروقات مع رفع الدعم تدريجياً عنها، ما حول الشارع الى كتلة ملتهبة تحولت الى أعمال شغب يومي السبت والأحد في طرابلس وصيدا. في وقت لا يزال الدولار في السوق الموازية يسجل مستويات لا نظير لها، حيث لامكس في نهاية الاسبوع عتبة الـ18 الف ليرة.
في المقابل، عادت عملية تشكيل الحكومة إلى المربع الأول من دون أن تلوح في الأفق أي بوادر إيجابية لإخراجها من التأزم الذي يحاصرها طالما أن الاندفاع الفرنسي المدعوم أميركياً ودولياً يبقى في إطار توجيه التهديدات باتجاه من يعرقل تشكيلها من دون أن يتلازم مع مبادرة باريس إلى الضغط لإزالة العقبات التي تعيق تشكيلها.رفع الدعماذاً، تتجه الأنظار اليوم الى كيفية تمويل المصرف المركزي القرض الذي تطلبه الإدارة السياسية لإعادة ضخ الدولار لدى التجار والمستوردين، والمحتكرين لتأمين المال المطلوب للنفط وربما بعده للدواء، والقمح، وهو تطوّر مفصلي مالي له تأثيراته.
وقد سعت المحطات إلى تقليص المبيعات في الأيام الماضية، وصولاً إلى إقفال معظمها أمس، تمهيداً لاستئناف المبيعات اليوم وفق السعر الجديد. الموزّعون بدورهم قاموا بالأمر نفسه، وكذلك فعل المستوردون، وسط توقعات بوجود آلاف الأطنان من البنزين في الأسواق. وبدلاً من أن تضرب وزارة الاقتصاد بيد من حديد، ملزمةً المحطات بفتح أبوابها، وبدلاً من رقابة جدية تفرض على القطاع، اكتفت مصلحة حماية المستهلك باستعراضات، أدّت إلى فتح بعض المحطات لفترات وجيزة، بعدما تبيّن وجود مخزون لديها.
في الموازاة، يتوقع أن تعقد الهيئة العامة لمجلس النواب اجتماعاً الخميس، لإقرار قانون الشراء العام وقانون البطاقة التمويلية، علمت “الأخبار” أن المساعي التي بدأتها كتل “المستقبل” و”التيار الوطني الحر” و”القوات”، وجزء من “حركة أمل”، لتضمين القانون فقرة تتعلق بترشيد الدعم، قد تكثفت في الأيام الأخيرة. وهذا النقاش كان قد أخذ حيّزاً كبيراً في اللجان المشتركة، قبل أن يتم التوصل، بالتنسيق مع رئيس المجلس، إلى مخرج يقضي بإرفاق المشروع برسالة من الحكومة تعلم فيها مجلس النواب بنيّتها ترشيد الدعم وفق جدول سبق أن سلّم إلى اللجان ولم يُحوّل إلى مجلس النواب بعد، بانتظار الانتهاء من التعديلات عليه.مسار حكومي جديدفي هذا الوقت، عاد الحديث عن الملف الحكومي، الذي عاد الى النقطة الأولى، بحيث تواترت معلومات متقاطعة مساءً تفيد بوجود “حراك جدّي” بين أكثر من جهة معنية بالملف الحكومي لتعبيد الطريق أمام بلورة “أفكار جديدة” قابلة للتأسيس عليها في سبيل ولادة الحكومة، أكدت المصادر صحة هذه المعلومات لكنها فضلت عدم الغوص في تفاصيلها “بانتظار اكتمال مروحة المشاورات الجارية”، مكتفيةً بالإشارة إلى أنّ “كل الأفرقاء يستشعرون خطر الاستمرار في دوامة المراوحة القائمة وما قد ينتج عنها من فوضى اجتماعية وأمنية، ولذلك فإنّ الأمور متجهة نحو إعادة صياغة الحلول الحكومية المطروحة تحت سقف مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري”.وإذ أعربت عن اعتقادها بأنّ الأيام القليلة المقبلة ستكون “مفصلية” لتحديد مسار الأوضاع، تناقلت أوساط سياسية وإعلامية ليلاً معطيات حول بعض الأفكار المتداولة لإيجاد أرضية مشتركة يتم التأسيس عليها حكومياً، ومن بينها فكرة استبدال صيغة “3 ثمانيات” بصيغة “4 ستات” لتوزيع الحصص الوزارية بين أفرقاء الحكومة في تشكيلة الـ24 وزيراً، مع العمل على التوصل إلى مخرج مناسب لمسألة منح تكتل “لبنان القوي” الثقة للحكومة نظير نيله حصة من ضمن حصة رئيس الجمهورية، وقد يكون هذا المخرج على قاعدة “ترك حرية التصويت” في جلسة الثقة لنواب التكتل، بما يتيح منح بعضهم الثقة للحكومة مقابل حجبها من قبل البعض الآخر.الاّ أن مصادر متابعة أشارت لـ”الأخبار” إلى أن لا شيء من ذلك قابل للتطبيق، مؤكدة أن الأمور لا تزال عالقة ظاهرياً على تسمية الوزيرين المسيحيين، وعملياً على رفض الحريري تأليف الحكومة بدون مباركة سعودية، ورفض جبران باسيل التراجع أمام الحريري. وعليه، فإن كل الأبواب لا تزال مغلقة، ومنها اعتذار الحريري. وأوضحت المصادر لـ”اللواء” أن هناك استفسارا ما إذا كان تبدلا طرأ في المقاربة التي يتمسك بها رئيس الجمهورية بشأن التوازن والمعايير المطلوبة لافتة إلى أن هناك اتصالات ولقاءات لكنها قد تصب في إطار تهيئة الأجواء وتهدئة النفوس مع العلم أن حركة الوسطاء في الملف الحكومي ليست متقدمة لكنها حاصلة بأنتظار التفاعل وما قد تحمله من تطورات جديدة.الى ذلك، وصفت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة ما يتم ترويجه من سيناريوهات التشكيل بانها غير صحيحة وهدفها تقطيع مزيد من الوقت سدى ورمي مسؤولية التعطيل باتجاهات مغايرة وقالت: لو ان جزءا يسيرا من التقدم قد تحقق لامكن البناء عليه والانطلاق منه بسرعة باتجاه حلحلة الامور، ولكن معظم المواقف على حالها، وما يحكى عن افكار وطروحات تقدم بها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الى ممثل حزب الله، لا تتعدى الدعاية الاعلامية الكاذبة والهروب إلى الامام، وهي في مجملها مجموعة متجددة من المواقف والشروط التعجيزية المغلفة بقالب تجميلي، هدفها الاساس الالتفاف على مبادرة الرئيس نبيه بري وتعطيل مفاعيلها والحصول على الثلث المعطل بطريقة ملتوية، ما ادى الى رفضها وابقاء حدة الخلاف بين رئيس المجلس والرئيس المكلف من جهة والفريق الرئاسي من جهة ثانية على حالها برغم كل محاولات حزب الله لوضع حد له، في حين لم يسجل اي تحرك بارز من الحزب باتجاه رئيس التيار الوطني الحر للبناء على ما ورد في الاطلالة الاعلامية الأخيرة للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله بخصوص تذليل العقد والصعوبات التي تعترض التشكيل، مايعني عمليا ان ولادة الحكومة الجديدة مؤجلة حاليا، بانتظار تبيان مصير الصفقة الاميركية- الايرانية.