انشغل اللبنانيون أمس بالحدث الفاتيكاني، اذ ما حصل في الفاتيكان امس لم يقلّ أهمية في دلالاته الروحية من خلال جمعه رؤساء عشرة طوائف مسيحية في لبنان والشرق، ولا في دلالاته المعنوية والرمزية، ولا في دلالاته العملية كمنطلق قوي لاحتضان قضية الشعب اللبناني عن الإرشاد الرسولي الذي انجز بدفع الفاتيكان بعد الحرب. ويمكن القول ان البابا فرنسيس في ما اطلقه في رسالته البالغة الأهمية متوجاً مساء امس يوم الصلاة من اجل لبنان يعتبر وثيقة تاريخية غير مسبوقة لجهة المواقف التي تضمنتها امام أسماع ومشاهدات ممثلي الدول الذين حضروا القداس الختامي.
وبحسب “النهار” فان رسالة البابا وحدها بدت حدثاً موازياً لدلالات اليوم اللبناني التاريخي في الفاتيكان، إذ ان توجهه الى اللبنانيين والمسؤولين السياسيين من جهة، والى الدول والعالم من جهة أخرى، جعل البابا يرتقي بإعطائه لبنان هذه الأهمية ما يعتبر سابقة بكل المعايير. ولم يكن حدثاً عادياً اطلاقاً انه بعد فرنسا ومن ثم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ومنتديات دولية أخرى ان تأتي كلمة البابا وموقفه الذي ندد بالتضحية بلبنان على مذبح المصالح الخاصة كتتويج للإدانة الدولية للمسؤولين السياسيين اللبنانيين بموازاة إدانته لاستخدام لبنان والتضحية به أمام المصالح الخارجية.
أوراق عمل ومتابعة ووصفت مصادر مطلعة الاجواء التي سادت في يوم لبنان في الفاتيكان بالجيدة جدا، اذ طُرحت مجمل الافكار الواردة في اوراق العمل وانعكاس الخلافات بين المسؤولين من الطائفة نفسها سلباً على الاوضاع العامة، كما وجوب متابعة اللقاء عبر لجنة او اي وسيلة اخرى لعدم تركه يتيماً. واكدت ان البابا يبدي اهتماماً بالغاً بلبنان وقضاياه حتى انه وصل باكراً وبدأ اللقاء قبل الموعد المحدد، موضحة ان نتائج اللقاء ستتظهر في وقت لاحق، من خلال شبكة علاقات الفاتيكان مع دول العالم المؤثرة الرافضة انهيار لبنان.
وبحسب “نداء الوطن” فقد بدا واضحاً أنّ البابا فرنسيس أراد من خلاله إيصال رسالة إلى العالم أجمع تقول إن الكرسي الرسولي مهتم بالوضع اللبناني وبالوجود المسيحي فيه، وهو لن يدخر جهداً في سبيل تحريك المجتمع الدولي تجاه لبنان لإيجاد حل لأزمته ولمساعدة الشعب اللبناني على الصمود.
وخلص الاجتماع في النهاية الى تأكيد الأمور التالية:أولاً: تعزيز وأهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه الكنائس على صعيد الخدمات الاجتماعية والمعيشية، ويندرج هذا الأمر تحت عنوان الوجود المسيحي والحد من الهجرة ومدى ارتباطه بالوضع السياسي أيضاً.ثانياً: تأكيد الفاتيكان مواصلة الاتصالات الدولية من أجل لبنان وتأمين المساعدات له والعمل على إيجاد السبل للخروج من أزمته.ثالثاً: العمل على استكمال تطبيق اتفاق الطائف، ومن هذا المنطلق شهد اللقاء حديثاً عن اللامركزية في لبنان وأهمية ترجمتها على أرض الواقع.الحريري والاعتذارأما في الموضوع الحكومي، فلم يطرأ أي جديد في الملف واعتبرت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة لـ”اللواء”، ان كل ما يروّج من اخبار وسيناريوهات متعددة لاعتذار مرتقب للرئيس المكلف سعد الحريري، إنما يقف خلفه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي يُعبّر من خلال ما يروّج عن تمنياته الشخصية بهذا الخصوص، في حين ان خيار الاعتذار كان مطروحاً منذ مدة، ضمن خيارات اخرى للخروج من ازمة التعطيل المقصود للتشكيل من قبل الفريق الرئاسي.واشارت المصادر إلى ان ايهام الرأي العام بأن خيار إعتذار الحريري يحل الازمة، انما هو محاولة لحرف الوقائع وتصوير المشكلة وكأنها باستمرار الرئيس المكلف بمهمته، بينما يدحض تسلسل الاحداث هذه التلفيقات والاكاذيب، ويدل بوضوح على ان مكمن الازمة هو في تجاوز رئيس الجمهورية للدستور ومهامه وامعانه بتعطيل كل مساعي وجهود تشكيل الحكومة الجديدة.وأفادت مصادر سياسية مطلعة عبر «اللواء» ان موقف رئيس الحكومة المكلف من الاعتذار وعدمه يتبلور بعد عودته من الخارج على ان الظرف والتوقيت متروكان له وحده مع العلم أن القرار الذي يتخذه يدرس تبعاته.وقالت المصادر ان المخاوف من انعكاسات الاعتذار تكثر لأن ما لم ينضج حل عن الشخصية المرشحة بعد الاعتذار فان الملف الحكومي سيقفل من جديد.علمت “الأخبار” أن الاجتماع الذي عقد بين السفير السعودي والسفيرة الأميركية جاء بطلب من إدارة شيا استكمالاً لاجتماع ماتيرا، حيث هناك إصرار فرنسي – أميركي على أن تكون السعودية حاضرة وتكون لها إجابات واضحة بشأن الأزمة اللبنانية، وتحديداً من مسألة تكليف الحريري، والبحث معاً عن الخطوات التي يُمكن القيام بها لإلزام القوى السياسية بتشكيل الحكومة». وجرى التداول بمعلومات عن أن النتائج كانت سلبية وأن الموقف السعودي لا يزال هو نفسه. حتى الإمارتيون أصبحوا غير متحمسين لحكومة يرأسها الحريري، فيما “المصريون يأخذون على عاتقهم إبلاغ رئيس تيار المستقبل برسالة أن لا نصيب له في التشكيل”!