ازداد الحديث في الأونة الأخيرة عن امكانية تدخل دولي مباشر في لبنان على وقع الأزمات المتلاحقة التي تعاني منها البلاد، والانهيار الاقتصادي والاجتماعي الكبير الحاصل، مجموعة من العقوبات، وتحديداً الأوروبية التي تدرس في الكواليس لمعاقبة من أوصل البلاد الى الحال المتردية التي وصلت اليها.
الاّ أن ادراج لبنان تحت وصاية الأمم المتحدة، يبقى العنوان الأبرز بعيداً عن الأضواء، بانتظار بلورته بصورة أكبر تمهيداً لتطبيقه اذا ما دعت الحاجة. ومن هنا كان الحديث عن امكانية ادراج لبنان تحت الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة، فما هو الفصل الثامن؟
هو فصل يحمل عنوان “في التنظيمات الإقليمية”، تنص المادة الأولى منه على قيام تنظيمات ووكالات إقليمية تحفظ الأمن والسلم الداخلي والدولي بالتلاءم مع مبادئ “الأمم المتحدة”، بحيث تحل النزاعات المحلية من قبل هذه التنظيمات بتدابير سلمية قبل عرضها على مجلس الأمن الذي عليه التشجيع على الحلول السلمية “بطلب من الدول التي يعنيها الأمر أو بالإحالة عليها من جانب مجلس الأمن”، والأخير من شأنه أن يفحص أي نزاع أو موقف لمعرفة إذا كان من شأنه أن يعرّض الأمن الدولي وحفظ الأمن للخطر، وذلك بحسب المادة 34 من الفصل السادس.
المادة الثانية، تنص على أن أعمال الحد من النزاعات من خلال تلك التنظيمات والوكالات لا تكون بيدها بل تحت إشراف ومراقبة مجلس الأمن، بإستثناء أي تدابير تُتخذ ضد “دولة معادية” والتي تعرّف “بأي دولة كانت في الحرب العالمية الثانية من أعداء أي دولة موقعة على هذا الميثاق”.
أما المادة الأخيرة من هذا الفصل فتنص على أنه من الضروري أن يكون مجلس الأمن على علم تام بما يجري من أعمال حفظ السلم والأمن الدولي “بمقتضى تنظيمات أو بواسطة وكالات إقليمية أو ما يُزمع إجراؤه منها”.
الاّ ان مصادر مطلعة لفتت الى ان هذا الفصل قد لا يلائم بالضرورة الوضع اللبناني، خصوصاً وانه تم تطبيقه في عدد من الدول كالسودان والعراق، ولم يثبت فعاليته، مشيراً الى ان لبنان يمكن أن يخضع لأكثر من فصل لا سيما 11، 12، 13 والذي يعتبر الأكثر ملاءمة للوضع اللبناني، لأنه يضع لبنان تحت وصاية دولية مباشرة، تسمح بانتشاله من الوضع الذي يعاني منه.
وتخوف المصدر في حديث لـ”لبنان 24″ من امكانية أن يواجه هكذا فصلاً معارضة شديدة داخل مجلس الأمن.
وفي هذا المجال، بدا لافتاً الانفتاح الدولي الكبير على الجيش والسعي الحثيث لمساعدته، لما يشكله من رافعة كبيرة للبلاد، ويعتبر حتى الساعة خشبة الخلاص الوحيدة التي يمكن الارتكاز عليها، ومن هنا بدأت الدول عملية الدعم لهذا الجيش، وتكثفت الاجتماعات مع قائده العماد جوزف عون، وكان آخرها لقاءه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اذ تعتبر الدول الكبرى ان الجيش يمكن أن يتحمل المسؤولية في لبنان بالتعاون مع مسؤولين من المجتمع المدني.
وعليه، تبقى الأمور معلقة على ردة فعل الأطراف الداخلية على هكذا طرح، لا سيما حزب الله، الذي من الممكن أن يضع هكذا أمر تحت مسمى التمهيد لحرب اهلية، كما أعلن أمينه العام مراراً وتكراراً، رداً على الدعوات التي كان يوجهها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، اضافة الى مدى قدرة القادة السياسيين على النهوض بالبلاد من الأزمات الحالية وتجنيب الشعب الكأس المرّة. الأيام المقبلة كفيلة بالاجابة على هذه التساؤلات.