كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”: كل ساعة تمر على اللبنانيين تحمل معها مزيدا من الأزمات والصعوبات بفعل تحلل مؤسسات الدولة وتفكك أجهزتها، وإنفصال السلطة السياسية عن الواقع وتلهيها في كيفية تحقيق مصالحها سواء بركوب ″موجات″ الثورة والمزايدة على الشعب الموجوع سعيا وراء ″شعبوية″ تستخدم في حشد الأصوات في الانتخابات النيابية المقبلة، أو في فرض الشروط للحصول على وزارات سيادية ووازنة يمكن الاستفادة منها أيضا في الاستحقاق الانتخابي.
لم يعد هناك من مقومات حياة في لبنان، فمع البيان الأخير الصادر عن مصرف لبنان برفع الدعم عن المحروقات دخلت البلاد مرحلة جديدة من الفوضى التي قد تترجم بأوجه مختلفة خصوصا على الصعيد الأمني والثوري ـ العنفي الذي بدأت نماذجه تظهر في الأيام الأخيرة من قتل وإعتداءات ومصادرة صهاريج المازوت، وهي من المؤكد أنها ستتصاعد وبوتيرة أعنف، مع الارتفاع الجنوني للأسعار المرتبطة بالمحروقات بدءا بالبنزين (336 ألف ليرة) مرورا بالمازوت (278 ألف ليرة) وصولا الى الأدوية التي ستشهد إرتفاعا مضاعفا الى جانب المواد الغذائية التي لن تكون متوفرة لجميع اللبنانيين.
أمام هذا الواقع، يبدو كل شيء في لبنان مهددا بالتوقف عن العمل، فلا الموظفون يستطيعون الوصول الى مراكز عملهم، ولا العام الدراسي سيبصر النور في أيلول المقبل، في ظل عدم قدرة إدارات المدارس على تأمين أبسط المستلزمات من كهرباء وإنترنت وقرطاسية، وعجز الأهالي عن تأمين الكتب لأبنائهم وعن توفير وسائل النقل حيث ستكون تعرفة الباص أكثر من القسط السنوي لأي طالب، ولا المصانع ستكون قادرة على الصمود، ولا المستشفيات ستتمكن من إستقبال المرضى لا سيما في ظل عودة كورونا للفتك بأجساد المواطنين، وفي حال إستقبلتهم فإن الفواتير ستكون فلكية وستعجز الهيئات الضامنة عن تسديدها، كما سيؤدي ذلك الى رفع نسبة البطالة نتيجة صرف العديد من الموظفين، ما يضع اللبنانيين أمام مزيد من المعاناة التي ستنتج كثيرا من المآسي التي لم تشهدها أسوأ وأفقر دول العالم.ما يُرتكب بحق اللبنانيين جريمة ضد الانسانية، من المفترض أن تستدرج كل منظمات حقوق الانسان للتدخل ووضع حد لهذا الانهيار، خصوصا بعدما تم كشف كذب حكومة حسان دياب التي ما تزال تعد اللبنانيين بسراب إسمه “البطاقة التمويلية”، وتطمئن منذ فترة بأن الدعم لن يرفع إلا بتوزيع هذه البطاقة الى مستحقيها، لكن الدعم رُفع واللبنانيون جميعهم دخلوا الى نادي الفقراء والمعدمين ولا حياة لمن تنادي بإستثناء تأمين الغطاء لرئيس الجمهورية ميشال عون لممارسة نظام رئاسي يحقق به حلمه في نهاية عهده الذي لم يشهد فيه لبنان يوما جيدا.كل هذا الانهيار الذي بلغ باللبنانيين الى قعر جهنم، والشروط حول آلية تشكيل الحكومة والسعي للحصول على وزارة سيادية هنا أو وزارة خدماتية هناك أو تسمية وزير مسيحي أو مسلم هنالك ما تزال تعرقل عملية التأليف التي من المفترض أن تمضي قدما نحو التشكيل الفوري من دون أية مطالب لمواجهة أزمات الناس والتخفيف من تداعياتها.وفي هذا الاطار، جاء اللقاء السابع اليوم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف ليبدأ العمل فعليا على تشكيل الحكومة من خلال وضع هيكلية لها وفقا لـ“ماكيت” حكومة حسان دياب لجهة التوزيع الطائفي للحقائب السيادية وبعض الوزارات الأساسية، ومن المفترض أن يستكمل البحث اليوم في لقاء ثامن يعقد بين الرئيسين فإذا كان التوافق قائما، تبدأ مرحلة إسقاط الأسماء على الحقائب وهي المرحلة االتي من المفترض أن تكون الأسهل قبل أن تبصر الحكومة النور، أما إذا إستمرت الشروط حول توزيع هذه الحقائب والامعان في العرقلة والتعطيل، عندها سيكون على لبنان السلام.