
وعلى المساحة التي شهدت تلك المجزرة، فأودت بحياة أكثر 28 شخصاً وجرحت أكثر من 80 حل كثرة منهم حرجة في المستشفيات، بين مدنيين وعسكريين، تجمهر عشرات الشبان الغاضبين، وهم يتوعدون بالثأر لضحاياهم ورفاقهم، من المدعو جورج رشيد ابراهيم الذي يلاحقونه لتسليمه إلى العدالة.
غضب وبكاء
ويقف شباب يدعى محمد يبكي ويصرخ قائلًا: “لا أستوعب أن صديقي بعد تناوله العشاء معي وتودعنا، تحول أشلاء جثة محروقة”. ويقاطعه رجل آخر بالقول: “نحن شهداء البنزين، ثمننا غالون، أمّا الصهريج فيحرقنا”.
وفي مسرح الجريمة، حيث أحرق بعض أبناء البلدة منزل رشيد وأملاكه وكساراته، كان رجال من الجيش يعاينون المكان، ويلتقطون صورًا لبقايا الخزان الحديد وجوانبه.
وغضب الناس سرعان ما تحول إلى دموع وانكسار في المستشفيات التي نقل إليها الجرحى والجثث. ففي مستشفى رحال في حلبا، 7 جثث متفحمة، ولم يصل من بعضها سوى أشلاء، فجاء بعض أهالي المفقودين، فلم يتمكنوا من كشف هوية الجثث، في انتظار ما تكشفه تحاليل DNA، وفق ما يفيد الطبيب ياسر طعوم لـ “المدن”.
أما في مستشفى السلام بطرابلس، التي نقلت إليها معظم حالات الحروق، فبدا الوضع مأسويًا، وخصوصًا أن معظم المصابين بحروق كانت حروقهم بليغة. ووصل إلى تلك المستفى قتيلان، وواجهت نقصًا حادًا بالأدوية، ومستلزمات الحروق، ما تسبب بعرقلة كبيرة في إسعاف الجرحى، ورفعت المستشفى لائحة بحاجتها.
نخبة التورط
وفيما يعمل بعض المحتجين على اقتحام منازل نجيب ميقاتي وطارق المرعبي في بيروت، بدا الوضع في عكار على حافة الانفجار الشعبي أيضًا.
وميدانيًا في عكار كل محطات الوقود مقفلة، لكن غالونات البنزين منتشرة على جنبات الطرق علناً، من دون أي إجراء أمني، رغم أنها أضحت أشبه بقنابل متنقلة بين الناس في هذين الحر والفوضى. أما سياسيًا، فيستمر الاحتقان وتقاذف الاتهامات بين تياري المستقبل والوطني الحر.
غير أن عددًا من شهود العيان والعارفين بخبايا هذه المنطقة الحدودية، أكدوا لـ “المدن” أن معظم نواب عكار، ومن العونيين والمستقبل متورطون بعمليات تهريب المحروقات إلى سوريا، سواء بطريقة مباشرة، أو عبر وسطاء و”قبضايات” وتجار وأصحاب أملاك كجورج رشيد مثلًا.
وتشير المعلومات أيضًا، إلى أن يستفيدون من الدعم، ومن الفرق الهائل في أسعار المحروقات بين لبنان وسوريا. وقد استخدموا مئات الشبان، وصار عملهم في التهريب وظفيتهم كبديل عن البطالة.
فتنة سنية – مسيحية؟
وتتصاعد المخاوف من دفع عكار إلى فتنة مسيحية – سنية، تغذيها القوى السياسية من الطرفين المتخاصمين، عبر الاستثمار بدماء الضحايا.
وتفيد المعطيات، أن بعض نواب الفريقين بعكار، يتواطأون سرًا في تقاسم عمليات التهريب والأرباح الهائلة الناجمة عنها، وأن ما حصل شكل صدمة لهم، فاضطروا للانقلاب وتقاذف التهم، خوفًا من ردود فعل الرأي العام.
توقيف رشيد
وبعد ظهر الأحد، أوقفت مخابرات الجيش اللبناني صاحب الأرض، جورج رشيد، بعدما توقيف نجله في بلدة التليل صباحاً. وأفادت معلومات أن رشيد عثر عليه في إحدى الشقق في الميناء قرب طرابلس، وجرى سوقه بمآزرة أمنية للتحقيق معه.
وفي هذا الوقت، تتوافد عائلات الضحايا تباعًا لتسلم جثامين أبنائها، ومن بينهم لاجئون سوريون، فيما يواصل آخرون البحث عن المفقودين، تحضيرًا لمراسيم دفنهم.
أمّا الأهالي في عكار، فيترقبون أحداث الساعات المقبلة. ويدعو المحتجون في عكار إلى استقالة نواب عكار، رافضين كل ما جاء في بياناتهم. كما تشهد طرابلس قطعًا متواصلًا للطرق، بعدما صارت الأزمات المرهقة والضحايا تنذر بانفجارات أمنية وشعبية بسبب الوقود.
حصيلة الانفجار
أكد مدير عام وزارة الصحة بالإنابة فادي سنان لـ”المدن” أن الحصيلة النهائية للضحايا هي 28 ضحية، معظمها مجهول الهوية، ما استدعى أخذ عينات “دي أن أي” للتعرف عليها. أما الجرحى فوصل عددهم إلى 52 بينهم 24 حالة ما زلت خطرة جداً، توزعت على مستشفى الجعيتاوي (8 حالات) ومستشفى السلام طرابلس (15 حالة).
من جانبه أكد الجيش اللبناني أن حصيلة الإصابات النهائية في صفوف العسكريين بلغت 24 عنصراً موزعين على الشكل التالي: وفاة عنصرين، و11 عنصراً حالتهم حرجة، و4 عناصر مفقودين، إضافة إلى 7 عناصر إصاباتهم طفيفة، فعولجوا وغادروا المستشفيات.