كتب جورج شاهين في” الجمهورية”: حامل شعار “الوسطية ” و”مدور الزوايا”، تجنّب منذ اللحظة الأولى اعتماد تفسير دستوري أثار كثيراً من اللغط سابقاً. ومع اعتراف كثر، بأنّ لميقاتي أسلوباً مختلفاً في مقاربته للمهمة، لكن ذلك ليس مضموناً انّه سيغيّر في قواعد اللعبة الحكومية النهائية. فهو ردّ بعبارات قليلة بعد تكليفه مباشرة “ما لقيصر لقيصر وما لله لله”، عندما بادر الى ما سُمّي اعترافاً بدور الرئيس ـ الشريك في بعبدا. وما بعد ذلك، فهو يحتفظ بصمت يحوط به طروحاته وبقدرة لم يسبق لغيره ان أبداها بضبط مواقف مجموعة المستشارين المحيطين به، الى درجة التمنّع عن إعطاء اي تفاصيل رغم وجودهم في دارته شهوداً في قلب المفاوضات اليومية بأدق تفاصيلها.
وبمعزل عن العِقد المتصلة بهذا الاسم وهذه الحقيبة، فإنّ ما يجري خرج عن كل التوقعات. لكن ما هو أخطر منها، انّ هناك من يعتقد انّ في قدرته الإستغناء عن الحكومة، بدليل الإصرار على إدارة الدولة بوسائل وآليات وهيئات ومجالس ومراسيم شكّلت بدعاً غير مسبوقة يمكن ان تولد كل يوم، لتكون بديلاً من حكومة كاملة ووزارات معنية تمارس صلاحياتها الطبيعية. كما تكبّل الحكومة المقبلة متى ولدت بما لا يمكن تعديله او العودة عنه. وربما تجاوزت تردداتها ونتائجها المقدّرة العهد الحالي الى الآتي، إن تمّ الالتزام بالمراحل الدستورية المقبلة على خطورتها ودقتها وصعوبة خوضها. فالامر رهن تبدّل الاوضاع عمّا هي عليه من إفلاس مالي ونكد سياسي، وربما بلغت بتداعياتها البعيدة المدى العهد المقبل، الذي لم تعد تفصلنا عنه اشهر عدة تفيض باثنين على سنة كاملة.
والى ان تأتي الساعات المقبلة بما هو مقدّر من تكهنات، يبدو انّ اللقاء الثالث عشر بين عون وميقاتي متى عُقد، سيشكّل بلا شك حداً فاصلاً بين ان يكون “رقم الشؤم” وتتراجع حظوظ التأليف. وربما تنتقل البلاد الى مرحلة الإعتذار بتداعياتها المخيفة. او ان يخرج هذا الرقم من سياق العقائد الموروثة، فيأتي بمفاجأة غير محسوبة حتى لحظة كتابة هذه السطور، وتجدّد الثقة بإمكان ولادة الحكومة المعجزة. فلننتظر.