كتب رضوان مرتضى في “الأخبار”: “شاءت الصدف أن يقع موظفون جمركيون والمدير العام السابق للجمارك شفيق مرعي في فخّ القاضي جان طنّوس الذي يُجري تحقيقاً في قضية تكشّف أنها قد تكون واحدة من أكبر ملفات التهرب الجمركي في لبنان. وقد توصّل التحقيق اليوم إلى توقيف جميع موظفي المركز الآلي ما تسبب بتعطّل هذا المركز لكون الموظفين الذين يملكون قدرة الولوج إليه قد أوقفوا.
القضية التي بدأت بإخبار مقدم من المدير العام الموقوف للجمارك بدري ضاهر، انتهت بالادعاء عليه أيضاً. كما طال الادعاء أيضاً رئيس المجلس الأعلى للجمارك الأسبق نزار خليل بإهمال الموجبات الوظيفية.
بدأت القضية قبل نحو سنتين. يومها زوّد المدير العام للجمارك بدري ضاهر النائب زياد أسود بمستندات تفيد بوجود تلاعب في مديرية الجمارك ليتقدم أسود بإخبارٍ أمام النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون التي عيّنت خبيراً لإجراء الكشف. إلا أنّ المديرية العامة للجمارك لم تدفع حينها تكاليف لجنة الخبراء. إزاء ذلك، سُحِبَ الملف إلى النيابة العامة التمييزية حيث بقي لنحو سنة جراء تلكؤ الجمارك في دفع مستحقات لجنة الخبراء. فقرر النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات إحالته إلى القاضي جان طنّوس منذ نحو شهرين تقريباً. وبدأ طنّوس باستجواب جميع الموظفين ومن بينهم الموظفون الذين تولّوا إجراء التحقيق الإداري وجميع موظفي المركز الآلي.
وخلُص القاضي طنّوس إلى وجود آلاف عمليات التلاعب في النظام الإلكتروني في المركز الآلي.
والقطبة المخفية تتمثل بقدرة الموظفين على الولوج إلى البيانات الجمركية في أي وقت لتحديد إن كانت هذه البضائع يجب أن تخضع للتفتيش أم لا. على سبيل المثال، شحنة هواتف خلوية مصنّفة في خانة اللون الأحمر التي تعني أنه يجب تفتيشها بأكملها، إلا أنّ الموظف المتورط كان يلِج إلى النظام الإلكتروني ليضعها في الخانة الخضراء المعفية من التفتيش ليُهربها من الرسوم الجمركية مقابل رشاوى يقبضها لاحقاً. كان الموظفون يُبدّلون معايير البضائع الجمركية المتفق على تهريبها من دون دفع الرسوم ثم يمسحون آثار جريمتهم بالتواطؤ مع الموظفين التقنيين الذين عينهم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP). وكي لا يلتفت أحد إلى أنّ معظم البضائع مسجّلة في خانة «الأخضر»، كانوا يتلاعبون بالبضائع المصنّفة ضمن اللون الأخضر ليدوِّنوها في خانة الأحمر ليُصار إلى تفتيشها. وكان هذا التلاعب والدخول إلى النظام الإلكتروني يتم في أوقات متباعدة وخارج الدوام الرسمي وحتى ليلاً”.