كتب المحرر السياسي: “بين الإيجابية والسلبية، لا تزال “تتأرجح” أجواء تشكيل الحكومة الموعودة. ينام اللبنانيون على “تفاؤلٍ مفرَط” يتحدّث عن “مراسيم جاهزة” للتأليف، ويستيقظون على تسريبات عن “عُقَدٍ” لم تُحَلّ بعد، وعن “مراوحة” ثابتة، وعن “عراقيل” لم ينجح “الوسطاء وسعاة الخير” في تذليلها، رغم كلّ المساعي التي لا تزال “ناشطة” لذلك.
منذ أسابيع، يتمّ الحديث عن أيام “حاسمة” لولادة الحكومة. في كلّ يوم إثنين، تكثر التحليلات عن أنّ الأسبوع “حاسم”، وأنّه لن ينتهي سوى بالولادة الميمونة، أو باعتذار الرئيس المكلّف. وعندما أصبح “الأسبوع” طويلاً وثقيلاً ربما، من الناحية النظرية، انتقل الحديث إلى الأيام، والساعات، فتوضَع مهل “مفصليّة” بين 24 و48 ساعة.آخر هذه المُهَل انقضت بالأمس، من دون ولادة الحكومة. يقول البعض إنّ المعنيّين بالتأليف لا يُلامون، لأنّ هذه المُهَل “وهميّة” إلى حدّ بعيد، وقد تكون من “بنات أفكار” بعض المحلّلين والمتكهّنين، وحتى بعض السياسيين الذين اختاروا سلوك “الدرب” نفسه، بحثًا وراء “سكوب” قد يصبح بلا معنى ولا قيمة إذا ما تأخّر أكثر.
“ضبابيّة” وأكثر
إنّها باختصار “الضبابيّة”، التي لا تزال تهيمن على ملفّ الحكومة، في ظلّ “الغموض” المسيطر على حقيقة الوضع. ثمّة في هذا الإطار من لا يزال متمسّكًا بالإيجابيّة، وبضخّ موجات التفاؤل، التي قد تكون أو لا تكون مبنيّة على أسس سليمة ومتينة، خصوصًا أنّ البعض يعتقد أنّ بثّ هذه الأجواء “يريح” البلد بعض الشيء، ولو لم يكن دقيقًا، فضلاً عن كونه ينعكس على سعر الصرف في السوق الموازية، وهو ما تجلّى في الأيام الأخيرة.وثمّة مَن يعيد هذه الأجواء الإيجابية إلى بعض المواقف والتصريحات المنسوبة لرئيس الجمهورية والمقرّبين منه والمحسوبين عليه، وهم الذين يتحدّثون منذ أيام عن قرب تحديد موعد للرئيس المكلّف في قصر بعبدا، لإعلان ولادة الحكومة، وإن كان بعضهم يلمّح غمزًا، من قناة “انتظار” استحقاق “رفع الدعم”، حتى لا تصطدم الحكومة مع ولادتها بـ”انفجار اجتماعي” قد تكون تداعياته “ثقيلة” عليها، وهي التي لا تتحمّل مسؤوليته.لكن، في مقابل هذه الأجواء، ثمّة من ينقل أجواء مغايرة تمامًا، بل نقيضة بكلّ ما للكلمة من معنى، حيث يتحدّث البعض عن “عُقَدٍ” لا تزال على حالها، من “الثلث المعطّل” الذي لا يكفّ رئيس الجمهورية عن نفي المطالبة به نظريًا، لكنّه يفعل العكس عمليًا، إلى “عقدة الوزيرين المسيحيّين” التي يقول البعض إنّها لا تزال “هي هي” .”صمت” معبّروبين هذا وذاك، يبدو “صمت” الرئيس المكلَّف معبّرًا، منذ إطلالته التلفزيونية الأخيرة، التي “تعمّد” فيها عدم الكشف عن “جوهر” العقد التي أقرّ بوجودها أمام تأليف الحكومة، وانقطع بعدها عن الزيارات “اليومية” إلى قصر بعبدا، لاعتقاده ربما أنّها باتت “تضرّ” أكثر ممّا “تنفع”، خصوصًا بعدما أكد أنّ الأجواء “الورديّة” التي تعقبها لم تكن دائمًا تعكس الواقع، الذي لم يكن “إيجابيًا” دومًا بخلاف الواقع.يُفهَم من هذا “الصمت” أنّ الرئيس المكلَّف يريد ترك ملفّ التأليف في “دهاليزه”، أو بمعنى أدقّ “في المكان المناسب”، خصوصًا أنّه لا يزال مصرًّا على إنجاح المهمّة التي كُلّف على أساسها، ويرفض الذهاب إلى خيار “الاعتذار”، أقلّه في الوقت الحاليّ، وحتى تُحسَم الأمور سلبًا بالمُطلَق، وهو ما لن يكون لمصلحة أحد، بل سيكون بمثابة السحر الذي لن ينقلب على الساحر فحسب، بل على جميع اللبنانيين من دون استثناء.لذلك، يصرّ الرئيس المكلّف، وفق ما يقول بعض العارفين والمتابعين، على وجوب “الحسم”، بعيدًا عن أيّ مهَل تُضرَب من هنا أو هناك. يريد أن تكون زيارته المقبلة لقصر بعبدا “حاسمة”، ويريد أن يزفّ “بشرى” ولادة الحكومة للبنانيين، من دون إيذان مسبق. لكنّه، كما يقول دائمًا أيضًا، لن ينتظر كثيرًا، والمهلة التي وضعها هو لنفسه تَضيق، لأنّه يدرك أنّ بقاءه رئيسًا مكلَّفًا دون تأليف، لن يكون مجديًا، وهنا بيت القصيد.قيل يوم الإثنين إنّه أسبوع حاسم، وضُرب موعد لتشكيل الحكومة في اليوم نفسه. بعد ذلك، أرجئ الموعد إلى الثلاثاء، ولأنّه صودف يوم حديد بمناسبة تشييع الشيخ عبد الأمير قبلان، أجّل مجدّدًا إلى الأربعاء، وتمّ ضخّ الحديث عن 48 ساعة مفصليّة ونهائيّة. انقضت هذه المواعيد كما انقضت مواعيد غيرها، لكنّ المطلوب يبقى واحدًا، ولادة الحكومة اليوم قبل الغد، فالناس ما عادت قادرة على الصمود في وجه المصائب التي لا تنتهي!.