يبدو ان أزمة المحروقات مستمرة إلى أجل غير مسمى، فلا مؤشرات إيجابية تتعلّق بانفراجة قريبة على الأقل في الجانب المتعلّق بطوابير الذل أمام المحطات والتي بدأ اللبناني يعتاد عليها للأسف، مع التقنين القاسي للمولدات، كما ان عمليات التهريب والاحتكار لن تتوقف.
فقرارات اجتماع بعبدا الأخير برفع سعر المحروقات على أساس أن الدولار يساوي 8 آلاف ليرة لن تحل المشكلة، بل أجلتها إلى نهاية شهر أيلول، أي انها بمثابة جرعة تخديرية وترقيعية تخفف من النقمة الشعبية وتؤجل القرارات الصعبة بانتظار حل سحري قد يضع البلد على المسار الصحيح او قد يودي إلى الانهيار الشامل.
علما ان هذا القرار سينعكس على القطاعات كافة بشكل سيزيد إرهاق الناس، والأسعار سترتفع بشكل مضاعف وهي ستطال أساسيات المعيشة، وذلك بانتظار إصدار البطاقة التمويلية، فكيف سينعكس قرار تمديد فترة الدعم على سعر الـ 8 آلاف ليرة على القطاع الاقتصادي بشكل عام؟
الخبير الاقتصادي والاستاذ الجامعي الدكتور جاسم عجاقة أوضح لـ “لبنان 24” ان الهدف من هذه الخطوة اجتماعي بحت، فبدل ان يدفع المواطن سعر المحروقات على سعر السوق السوداء أو سعر المنصة سيدفع على سعر وسطي هو 8 آلاف ليرة، أي ان الدولة ستتحمل خسارة فرق السعر وسيتم ترحيل هذا الموضوع إلى موازنة 2022، كما ان هذا الأمر سيخلق دينا إضافياً على خزينة الدولة.
واعتبر عجاقة ان النقطة الايجابية من هذا القرار هو انه سيُمكن الدولة من مُلاحقة الموضوع من عملية استيراد المحروقات إلى عملية توزيعها وبالتالي سيتم ضبط إلى حد ما عملية الاحتكار والتهريب.
وأشار عجاقة إلى ان هذا الحل موقت وهو سيستمر لغاية آخر أيلول حيث من المفترض ان يكون المعنيون قد فتشوا عن حل مستدام لأزمة المحروقات.
من أين سيأتي مصرف لبنان بالدولارات لتأمين هذا الدعم؟ وهل سيُمس بالاحتياطي؟
عجاقة لفت إلى ان كلمة الاحتياطي من العملات الأجنبية عبارة عن موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية من بينها هناك الاحتياطي الالزامي والتي هي أموال المودعين، والمصرف المركزي أخذ القرار بعدم المس بالاحتياطي وقانونا لا يحق له، فإذا أراد أخذ أموال من الاحتياطي عليه أن يأخذ من الفائض، لافتاً إلى انه أيضا يمكن ان تُستخدم المساعدات والتحاويل الخارجية بعملية التمويل.
ومصدر التمويل الثالث الذي قد يتم اللجوء إليه، بحسب عجاقة، هو ان يشتري مصرف لبنان الدولارات على منصة صيرفة وستكون المصارف الجهة التي ستبيع هذه الدولارات.
ماذا عن تمويل مشروع مرسوم إعطاء سلفة خزينة بقيمة 600 مليار ليرة للقطاع العام؟
وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني وقع مؤخرا مشروع مرسوم حول إعطاء سلفة خزينة بقيمة 600 مليار ليرة لمرة واحدة فقط كمساعدة اجتماعية طارئة لموظفي الإدارة العامة مهما كانت مسمياتهم الوظيفية (موظف، متعاقد، أجراء، أجهزة عسكرية وأمنية، القضاة، السلك التعليمي بمختلف فئاته الابتدائي والمتوسط والثانوي والتعليم المهني والتقني والأجراء) بالإضافة إلى المتقاعدين الذين يستفيدون من معاش تقاعدي وأرسله إلى رئاسة مجلس الوزراء، وستحدد قيمة المساعدة بما يساوي أساس الراتب الشهري أو المعاش التقاعدي من دون أي زيادات مهما كان نوعها أو تسميتها، على أن تسدد على دفعتين متساويتين.
في هذا الإطار، أوضح عجاقة ان أرقام وزارة المال غير محدثة، فإذا كان هناك فائضا في حسابات الوزارة ستؤمن هذه المساعدة من خلالها والا سيتم طبع العملة لتمويل هذا القرار.
البطاقة التمويلية
أما عن البطاقة التمويلية، فشدد عجاقة على وجوب ان تصل إلى مستحقيها وقال: من العار في عام 2021 ان نجد من يفتش في النفايات عما يأكله، وأشار إلى ان الفقر المدقع غير مقبول في المجتمعات وهو بالتالي يولد العنف والمشاكل الأمنية، ومن حق المواطن على دولته ان تؤمن له عيشا كريما، معتبرا ان الفائدة من هذه البطاقة ستكون على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي على حد سواء لأن الأموال ستأتي من الخارج.
وضع الدولار
أما عن وضع الدولار ، فأكد عجاقة ان سعر الدولار مرتبط بالوضع السياسي وبالتالي لا أحد يستطيع ان يوقف الاتجاه التصاعدي له الا الحل السياسي.
ولا بد من الإشارة هنا إلى ان اللبناني بات أسير “السوق السوداء”، واللافت ان الدولة شرّعت مؤخرا 8 أسعار صرف لليرة اللبنانية مقابل الدولار.
فبالإضافة إلى السعر الرسمي، هناك سعر السحوبات من المصارف تبعاً للتعميم رقم 151 أي على 3900 ليرة، وسعر لدعم المواد الاولية للأدوية المصنعة محليا بقيمة 4800 ليرة، وآخر للسحوبات على أساس التعميم رقم 158 أي بـ 12 ألف ليرة، وسعر لدعم الأدوية المصنفة OTC وacute disease على أساس 13650 ليرة، مروراً بسعر منصة صيرفة على 16500 ليرة، وسعر السوق الحقيقي على 19 ألف ليرة، وصولاً إلى تسعيرة دعم الفيول بـ 8000 ليرة.
8 أسعار صرف لليرة.. وبهذه الطريقة سيُمول قرار رفع سعر المحروقات
