يُعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري من بين الداعمين الأول لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي. ولكن وعلى رغم ذلك أعطاها مهلة شهر ونصف الشهر للنجاح أو الفشل. وقال “فمع بداية كانون الأول يصبح البرلمان شبه معطل؛ أولاً بسبب الأعياد، وثانياً بسبب قرب موعد الانتخابات، واتجاه النواب نحو حملاتهم الانتخابية. خلال هذه الفترة، لا بد للحكومة من أن تكون قد أنهت النقاش مع صندوق النقد الدولي، أو على الأقل خطت خطوات عملية في هذا الاتجاه، وثانياً حل مشكلة الكهرباء، وإلا فإنها ستكون قد فشلت”.
وهذا يعني في ما يعنيه بالقراءة السياسية أن “على كتف الحكومة حمّالًا”، وأن عامل الوقت مهمّ كثيرًا بالنسبة إليها. صحيح أنها لم تطلب من الشعب أن يمنحها فترة سماح أو فرصة لإلتقاط الأنفاس، ولكن هذا لا يعني انها تملك عصًا سحرية لكل المشاكل العالقة والمتفاقمة والمتوارثة. وكما بات معروفًا، وهذا ما نعرفه على الأقّل بالنسبة إلى ما لدى رئيس الحكومة من إرادة وعزم على ترك بصمات دامغة في مسيرة الحلول الممكنة، فإن الحكومة التي أخذت لنفسها شعار “معًا للإنقاذ”، لن تقف مكتوفة الأيدي، وتكتفي بالبكاء على الأطلال وندب سوء طالعها وإلقاء مسؤولية أي فشل على الآخرين كما كانت تفعل حكومة “مواجهة التحدّيات”.
قد يكون من المبكر أن نطلب من الحكومة، ولم يمضِ على وجودها في السلطة سوى اسابيع قليلة، أن تنجز وبسرعة قياسية ما عجز عنه الآخرون طيلة سنوات. فلا يمكن مثلًا تحميل الحكومة مجتمعة، أو وزارة الطاقة وحدها، مسؤولية وضع الكهرباء المخزي والمعيب، وبالتالي لا يمكن أن نطلب من وزير لم “يسخن” مكانه بعد أن يجترح المعجزات في ملّف شائك كملف الكهرباء، الذي يبدو أن الداخل إلى كواليسه مفقود والخارج منه مولود.
وكما هي الحال مع الكهرباء، التي تحتاج إلى خطّة متكاملة وفق أولويات “لوحة القيادة”، فإن كل ملف عالق، بدءا بملف المحروقات وغيره من الملفات الكثيرة، يحتاج إلى الكثير من العمل، من الداخل بالطبع، وبمساعدة من الخارج بالتأكيد. فالحلول السحرية غير موجودة. الوضع دقيق وصعب، وهذا ما يعترف به جميع المسؤولين، وعلى رأسهم الرئيس بري، الذي يعرف “البير وغطاه”، ويستطيع أن يميّز جيدًا بين “القرعة وأم قرون”، وهو الذي يعرف ايضًا أن أي حلّ لأي مشكلة قديمة أو مستجدّة يتطلب تضافر كل الجهود، لأن يدًا واحدة لا تستطيع أن تصّفق، وأن التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية مطلوب قبل أي أمر آخر. وهذا ما يُعَّول عليه.
فمهلة 45 يومًا، التي حدّدها الرئيس بري للحكومة كمقياس لمدى النجاح أو الفشل، هي مهلة نسبية، إذ يمكن تحقيق نجاحات معينة في بعض الملفات التي تتوافر لها ظروف النجاح، وبالتالي يمكن تسجيل بعض التأخير في ملفات أخرى، وذلك وفقًا لطبيعة كل ملف، مع ما يمكن توافره من إمكانات لملف دون الآخر.
مصادر متابعة وضعت كلام الرئيس بري في خانة التحفيز على العمل أكثر من مجرد إعطائها مهلة “إختبار” لإثبات نجاحها أو فشلها. فإذا نجحت ينجح معها كل لبنان. أمّا إذا فشلت فسيكون الفشل كارثيًا وعلى مستوى البلد كله، وهذا ما لا يريده أحد وفي الطليعة الرئيس بري.