رغم أن “الحرب السياسية” بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس “تكتل لبنان القوي”جبران باسيل تدخل بين الفينة والأخرى في إجازة مفتوحة، بيد أنها سرعان ما تعود في سياق الخطوات الاستباقية بين الطرفين قبل استحقاق ما او تعيينات. وما يزيد الطين بلة اليوم، الخلاف بين حركة أمل وتكتل لبنان القوي حول ملف تحقيقات انفجار مرفأ بيروت، فاعلام التيار البرتقالي ومسؤولو التيار في حال تأهب مستمرة مناصرة للمحقق العدلي طارق البيطار واستدعائه الوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس ونهاد المشتوق، وهذا ما يثير غضب شارع حركة امل الذي لا يزال مضبوطا حتى الساعة بقرار قيادي بمنع التجاذب السياسي والإسلامي مع “تكتل لبنان القوي”، علما أن ملف تحقيقات المرفأ لا يقتصر التضارب حوله على الحركة فحسب، فحزب الله الى جانب الرئيس بري في هذه القضية ويبدي انزعاجا من دعم التيار العوني المعنوي للمحقق العدلي، وإن كانت اوساط مراقبة ترى أن التيار العوني لن يستطيع مجابهة الحزب في هذه القضية، والأمر ينطبق على حلفائه الذين يلتزمون الصمت ولا يجاهرون بدعمكم لعمل القاضي البيطار.
لقد حدد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أول أمس مسار المواجهة مع القاضي البيطار واتهمه بالانحياز وبأنه مسيس، فبلغ حدوداً غير مسبوقة في التصويب على أدائه وعمله، الامر الذي خلق ارتيابا عند حلفاء حارة حريك في 8 اذار الذين لا يشاطرون الحزب موقفه من الهجوم على المحقق العدلي، من مقبل الايام مع اتساع دائرة التحريض ضد البيطار واحتمال تعطيل جلسات مجلس الوزراء، لا سيما ان الوزراء المحسوبين على الحزب والحركة طالبوا امس بكف يد القاضي البيطار، واحالة المسألة على مجلس القضاء الأعلى علما ان ليس من صلاحية مجلس الوزراء، ان يكف يد المحقق العدلي ولا سبيل أمامه لسحب القضية منه ولا لاحقا من المجلس العدلي، وفق مصادر دستورية وقانونية ل “لبنان24” . مع الإشارة إلى أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كان أكد في اطلالة تلفزيونية له أن كف يد القاضي البيطار عن التحقيق في انفجار المرفأ أمر قضائي لا يتدخل فيه. ونحن بدأنا نأخذ الاحتياطات الأمنية في شأن التهديدات التي قيل إنها طاولته، متمنيا أن يتابع مهمته بتوازن وفق النصوص القانونية للوصول إلى الحقيقة.
في القانون لا تأثير لخطاب سياسي أو تصعيد في الشارع أو كباش في مجلس الوزراء على مسار عمل القاضي البيطار الذي أصدر أمس مذكرة توقيف بحق النائب علي حسن خليل الذي تغيب عن جلسة استجوابه. أما واقعيا فالمسألة تتجه إلى التصعيد والتعقيد، مع إشارة مصادر مقربة من حزب الله ل لبنان 24 إلى أن الحزب ماض في معركته ضد ما يسميه الاستنسابية في الاستدعاءات التي تؤكد أن ما يجري يؤشر الى تورط المحقق العدلي في تنفيذ اجندات خارجية لا تمت إلى كشف الحقيقة بصلة، فمقاربته الملف من زاوية استهداف شخصيات محددة دون سواها من الحكومات المتعاقبة يثير الريبة ويحمل في طياته اسئلة كثيرة سوف يتم الاجابة عنها في مرحلة مقبلة. مع الإشارة إلى أن رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين صوب منذ ايام على مناقبية واستقلالية القاضي البيطار من دون أن يسميه، عندما أشار إلى أن الأميركيين يؤثّرون في لبنان، وهم أقوياء في الدولة اللبنانية، ولديهم الكثير داخلها”، مضيفاً: “حتى الآن لم نخض معركة إخراج الولايات المتحدة الأميركية من أجهزة الدولة، ولكن إذا جاء اليوم المناسب وخضنا هذه المعركة، فسيشاهد اللبنانيون شيئاً آخر”. وأتى هذا الموقف بعد دعوة لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركية الحكومة اللبنانية الى الحفاظ على سلامة القضاة الذين يتولون التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، مشيدة بنزاهة المحقق العدلي .
أمام كل ما تقدم، فإن حزب الله يعد العدة ويدرس خطواته سياسيا وقضائيا للتصدي لمسار التحقيقات بتفويض من المتضررين من المسار القضائي للبيطار، وبالتالي فإن أوساطا سياسية لا تلغي فرضية أن يحرك الحزب شارعه ولو بإعداد قليلة من ضمن لعبة الرسائل الموجهة، خاصة وان السيد نصر الله أبلغ المعنيين صراحة أن الأمر لا يحتمل والموضوع لم يعد شخصيا إنما سيترك تداعيات على مستوى البلد إن أكمل القاضي بهذه الطريقة.
المصدر:
لبنان 24