شباب في عزّ عطائهم حصدتهم حوادث السير في الشهرين الأخيرين على طرقات لبنان وأنهت بلمحة بصر غدّارة، رحلتهم في الحياة. أرقام مخيفة لعدد الضحايا من قتلى وجرحى تتراكم يومياً وشهرياً، وتزداد حوادث السير ضراوة مع تفاقم أسبابها وازدياد حالة الهريان التي تطاول كل إدارات الدولة وتصيب قطاع النقل واشتداد الأزمة المالية على كاهل المواطنين.الحلول غائبة والسائقون كما الركاب والمشاة على طرقات لبنان مشاريع ضحايا جديدة كل يوم.
رحل الملازم الطيار ميغال طانيوس ماضي ابن تل ذنوب في البقاع الغربي يوم الأحد الماضي بعد معاناة مع الألم استمرت 15 يوماً إثر تعرضه لحادث سير مفجع في وقت سابق. وقبله رحل طوني شقير ابن بلدة حراجل الذي لم يتجاوز 26 من عمره نتيجة حادث مأسوي خطف شبابه وشباب رفيقه زاد سعد حين اصطدمت سيارتهما بشجرة على طريق جونية. وقبلهما خطف الموت المتنقل على الطرقات الشابة جوليا ابو فيصل في حادث سير مأسوي على طريق مطار بيروت. وقبل هؤلاء أسماء وأسماء أضيفت الى لائحة ضحايا الأزمات المتراكمة التي تستولدها الأزمة الكبرى التي يعيشها لبنان.
شهور الموتفي نظرة على ما رصدته جمعية “حقوق الركاب” من أرقام بناء على إحصاءات غرفة التحكم المروري لضحايا حوادث السير وبعد مقارنتها بأرقام الأعوام السابقة يتبين أن شهرحزيران من هذا العام شهد أعلى نسبة ضحايا منذ العام 2017 إذ وصل عدد قتلى الطرقات الى 57 شخصاً. وبلغ مجمل عدد الضحايا من شهر كانون الثاني حتى تشرين الأول من العام الحالي 340 ضحية عدا الجرحى والمصابين. وحتى اليوم سُجّل وقوع سبع ضحايا في شهر تشرين الثاني. وقد شهدت سنة 2021 بدءاً من شهر كانون الثاني حتى تموز نسبة ضحايا أكبر من العام السابق لكن الأعداد تراجعت بشكل طفيف في اشهر آب وأيلول وتشرين الأول وذلك ترافقاً مع أزمة البنزين التي شهدتها هذه الأشهر من ثم ارتفاع سعره وتراجع عدد السيارات في الطرقات. وسجّل النصف الأول من العام 2021 عدد جرحى بلغ 2001 جراء وقوع 1632 حادثاً.وحمل شهر تشرين الأول وحده وقوع 36 ضحية و267 جريح وتسجيل 223 حادثاً. وكانت أسوأ حوادثه قتيل داخل نفق الأوزاعي وتهشيم جثته من قبل بعض السيارات نتيجة غياب الإضاءة عن النفق.أبعد من حوادث السيرفي محاولة لفهم أسباب ازدياد الحوادث سألت نداء الوطن السيد زياد عقل رئيس جمعية “اليازا ” الذي أكد أن حوادث السير التي شهدت ارتفاعاً في الأشهر الماضية ولا سيما في شهر حزيران الذي حصد 57 ضحية قد تراجعت قليلاً في الشهرين الماضيين لا لسبب إيجابي بل لأن استخدام السيارات قد تراجع بنسبة كبيرة مع الارتفاع الخيالي في سعر صفيحة البنزين ولكن هذا التراجع ليس مؤشراً إيجابياً لأن انعكاس الأزمة الاقتصادية على قطاع النقل ككل وعلى حال الطرقات وإدارات الدولة المعنية بشؤونها كارثي وينذر بتفاقم الحوادث.ويشرح عقل قائلاً “ان انهيار العملة اللبنانية جعل ميزانية وزارة الأشغال والبلديات شبه معدومة ما يؤثر بشكل مباشر على قدرتها على إجراء صيانة للطرقات. سابقاً كنا كجمعية حين نرصد مشكلة معينة على الطرقات نسارع بالطلب الى الإدارات المختصة بمعالجتها منعاً لحصول حوادث سير وكانت مطالبنا تستجاب في معظم الأحيان لكن اليوم حين نطالب بإصلاح مشكلة ما نعرف سلفاً أن الاستجابة ستكون سلبية بحجة عدم توافر الإمكانيات المادية”.إضافة الى عجز الدولة عن تأمين صيانة الطرقات وردم الحفر وتفعيل وضع الزفت والخطوط، تأتي مشاكل عدة لتزيد الطين بلة. فإشارات السير على التقاطعات في بيروت والمناطق معطلة بغالبيتها نظراً الى غياب الصيانة عنها بسبب مشاكل في العقود مع الشركة المشغلة ما يجعل عملية اجتياز اي تقاطع عملية انتحارية عدا عما يسببه ذلك من خطر على المشاة. وإذا أضيف الى تعطل الإشارات الضوئية غياب الإضاءة ليلاً عن الطرقات مع الانقطاع المتواصل للكهرباء وحالة الغضب الدائم التي يعيشها المواطنون او حالات الشرود الذهني فإن اسباب الحوادث تتضاعف. ولا شك أن نسبة هذه الحوادث ستزداد ارتفاعاً مع قدوم فصل الشتاء حيث لا قدرة للبلديات على تنظيف الطرقات ومنع تراكم الأوساخ والردميات في المجاري ما سوف يؤدي بلا شك الى غرق الطرقات بالمياه وازدياد عدد الحوادث. وستزداد المشكلة حدة على الطرقات الجبلية مع تراكم الثلوج والجليد عليها وعدم قدرة آليات البلديات الجبلية على جرف الثلوج ومعالجة الجليد بانتظام في ظل ارتفاع سعر المازوت.ويقول عقل واصفاً حالة التقهقر التي تشهدها الطرقات “اتت عمليات السرقة المنظمة التي طاولت عشرات آلاف أغطية المجاري والكثير من مقومات البنى التحتية للطرقات لتجعل وضع الطرقات كارثياً ومحفوفاً بالمخاطر. فالمشكلة متعددة الجوانب ولم تعد معها تنفع حملات التوعية رغم إصرارنا على متابعتها ولا مطالباتنا المتكررة بمعالجة أوضاع الطرقات. لكن أزمة البنزين غطت قليلاً على هذه الأزمات وساهمت في تراجع بسيط في عدد الحوادث لكنها لم تلغ أسبابها”.من منظور آخر يشرح شادي فرح وهو عضو مؤسس في جمعية “حقوق الركاب اللبنانية” سبب ازدياد نسبة حوادث السير في لبنان قائلاً “إن ارتفاع عدد السيارات على الطرقات لا بد أن يرافقه ارتفاع في عدد الحوادث المرورية، وفي غياب النقل المشترك لا يمكن أن تحل هذه المشكلة مهما حاولت الجهات المختصة القيام بحملات توعية. خمسة عوامل مؤثرةتندرج العوامل التي تؤثر على تنقل المركبات وفق ما يشرحه لـ»نداء الوطن» الناشط في حقوق الركاب فادي الصايغ الى خمسة:- الطرقات وحالتها وصيانتها الدورية.- المركبة سواء كانت سيارة او دراجة او شاحنة او حافلة وحالتها العامة وصيانة قطعها الأساسية.- السائق ومهاراته في القيادة واحترامه للقوانين.- المشاة وعلاقتهم بالمركبات على الطرقات واحترامهم لقوانين السير.- قانون السير والأجهزة المكلفة بتطبيقه ومعرفة المخالفات وقمعها.